في ظل الغياب المستمر للدور الذي كان ولا يزال مأمولاً لهيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي ما تزال شبه معطلة، وبحالة من الشلل شبه التام، وكذلك في ظل انسداد الآفاق أمام مئات آلاف الشباب الباحثين عن عملٍ والعاطلين عنه، كان من الطبيعي أن يتراجع حضور تلك الهيئة على الصعيدين الرسمي والمجتمعي، وبروز بدائل من هنا وهناك استشعرت خطورة هذا الشلل القاتل وغير المفهوم، وراحت هذه البدائل تتحول إلى كيانات تحمل مبادرات جادّة في محاولة منها لسدّ ذلك الفراغ المظلم للهيئة.
مشكلة البطالة المتفاقمة في المجتمع السوري تحتاج إلى زخمٍ أكبر وعملٍ واسع جداً في هذا المجال، وتحتاج إلى إنعاش تلك الهيئة المعطلة لأن تفعيلها هو الأقدر على تطويق الحالة، والأكثر قدرة على المحاكاة الأفقية لسوق العمل وبالشكل الأنسب، لاسيما وأن الدولة أحدثتها وأحدثت فروعاً لها في أغلب المحافظات، وهذا أمر يثير الاستغراب أكثر، لأن هذه الفروع لا تعني – حتى الآن – أكثر من نفقات في الفراغ على كوادر العاملين فيها، وعلى بناء أو استئجار المقرات وفرشها، أي نفقات بلا طائل، فيما لا تزال الهيئة تحبو بتطلعاتها حبواً سلحفاتياً يثير الغرابة، وإن فعلت شيئاً فيكون متواضعاً، كدورات تجريها في هذه الأثناء لمهنتي الخياطة والحلاقة وأخرى حول كيفية تربية الأسماك بالأقفاص المائية.. وطبعاً لا ضمان للمتدربين بالفوز بأي عمل، ومع ذلك يبقى هذا الأمر مثيراً للفرح، ولكن الفرح ليس بسبب طبيعة هذه الدورات ونتائجها، والتي يمكن أن يقوم بها أكثر مراكز التدريب المهني تواضعاً، والفرح هنا كان بسبب أن الهيئة ما تزال حية، ولم تمت بعد..!.
الأنكى من ذلك أن مؤسسة ضمان مخاطر القروض التي وجدت لدعم تمويل المشاريع الشبابية، ما تزال هي الأخرى شبه معطلة، وتقوم ببعض النشاطات التعريفية بها في حين يتطلع مئات آلاف الشباب لانطلاقة حقيقية لها.. أَفما آنَ لهذا الفراغ أن يُملأ ..؟ والسؤال العريض:ماذا ينقصنا..؟!.
على الملأ- علي محمود جديد