سيل من الأسئلة والاستفسارات المحرجة جداً تفرض نفسها على مؤسسة أممية هي (مجلس حقوق الإنسان) الذي افتتح منذ أيام دورته السادسة والأربعين في جنيف، والتي تتمحور حول آلية عمله، وتحوله إلى أداة طيعة بيد أميركا وحلفائها، وتجزئته لحقوق الإنسان، حيث يعتبرها منتهكة في مكان ما من العالم وغير منتهكة في أمكنة أخرى بحسب الأوامر الصادرة إلى خبرائه، والحبر والقلم الأميركي السري الذي يسطّر تقاريره.
ولعل خير دليل على هذه الحقيقة التي نتحدث عنها هو مواقف المجلس مما يجري في سورية من عدوان وحرب إرهابية على مدى السنوات العشر الماضية، وعدم تدخله لإدانة انتهاك حقوق الإنسان السوري على يد المحتلين والإرهابيين، وبالوقت نفسه نرى خبراءه وقد كتبوا تقاريرهم المشبوهة والمنقوصة وغير الحيادية لإدانة الدولة السورية، وهي تقارير تنقصها المهنية والحرفية، وكل ذلك من أجل منح واشنطن وأدواتها الغطاء والذريعة لمزيد من العدوان بناء على تلك التقارير المزيفة.
وكي لا يكون كلامنا بلا دليل علمي نتساءل هنا: هل وضع المجلس يوماً ما انتهاكات واشنطن الجسيمة لحقوق السوريين على رأس أولوياته؟ وهل أدان ما يسمى (قانون قيصر) الذي أصدرته وقام بتجويع السوريين؟ وهل رأينا خبراءه مرة واحدة وهم يناقشون الآثار الكارثية للإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تطبقها أوروبا وأميركا ضد الشعب السوري؟!.
تكذب أميركا وتقول إنها لا تريد حصار السوريين ولا تجويعهم، ولكننا لم نر مجلس حقوق الإنسان وهو يفند إدعاءاتها الكاذبة ويقول علناً إن إرهاب (قيصر) هو الذي يعاقب المواطنين ويحرمهم من الدواء والغذاء وكل احتياجاتهم الأساسية، ولم نر رئيسه وخبراءه وهم يستنفرون ليدبجوا الديباجات التي تدعو أميركا إلى إنهاء حصارها الجائر على السوريين، ولم نرهم يدينون التجويع، ويشجبون انتهاك الحقوق.
ولأن معظم خبراء المجلس ومدراءه أداة طيعة بيد أميركا ويأتمرون بأوامرها وينفذون سياساتها الاستعمارية، فإننا رأيناهم يدبجون البيانات المعاكسة التي تحاول إدانة الدولة السورية وتمرير الأجندات الأميركية، فتحول المجلس الأممي إلى منصة غربية للهجوم على كل من تشير إليه أميركا بالبنان، وباتت معاييره مزدوجة وانتقائية في التعامل مع حقوق الإنسان واتهام الدول غير المنسجمة مع توجهات واشنطن السياسية ووصمها بانتهاك حقوق الإنسان واتخاذ ذلك ذريعة للتدخل في شؤونها الداخلية، كما تفعل واشنطن مع سورية ومع دول أخرى في غير مكان من هذا العالم.
بقلم مدير التحرير أحمد حمادة – من نبض الحدث