لطالما كانت المنافسة هي المحرك الأساسي لمختلف القطاعات والدافعة الحقيقية لتحقيق خطوات متقدمة على صعيد تطوير العمل والارتقاء بالأداء وتحسين مستوى الإنتاج والخدمات لجهة المواصفة والجودة، ولنا أن نلمس ذلك في أبسط مثال وهو التنافس بين الطلبة على تحصيل العلامة الأعلى الأمر الذي يدفع الجميع لبذل المزيد من الجهد والتعب والاجتهاد لأجل ذلك.
واليوم من المنتظر أن يشهد القطاع المصرفي العام بيئة عمل تنافسية بعد الانتهاء من تهيئة أسباب صدور قانون المصارف العمومية، وبحسب ما تراه وزارة المالية فإن القانون الجديد سيساهم في توفير البيئة التنافسية للمصارف العامة والتي عملت على مدى سنوات طويلة في بيئة عمل تقليدية تخلو من أي شكل من أشكال المنافسة والتنافس فيما بينها فكانت جميعها تعمل وفق شروط واحدة وبيئة عمل واحدة جعلت خدماتها متشابهة ومتطابقة كثيراً لجهة سعر الفائدة مثلاً وعدد الكفلاء وسقف القروض الممنوحة وهكذا..
ومع افتتاح مصارف خاصة لم يعد بالإمكان الاستمرار ببيئة العمل نفسها وكان لا بد من الذهاب باتجاه توفير بيئة عمل جديدة يتنافس فيها الجميع العام والخاص، بما يعود بالفائدة على المتعاملين وعلى المصارف وبالتالي على الاقتصاد بشكل عام.
ولعل التفكير في إيجاد هامش مرونة لهذه المصارف لتعمل في بيئة تنافسية له من الإيجابيات الشيء الكثير بحيث يمكن لها أن تتنافس في تقديم منتجاتها المصرفية الأمر الذي سيحسن بالتأكيد من مستوى جودة الخدمة وطبيعة الخدمة ونوعيتها وسرعة الأداء بما يؤدي إلى كسب رضا الزبون الذي يجب أن يكون هو الهدف النهائي لأي مؤسسة مصرفية، طبعاً ضمن ضوابط تخفف من حجم المخاطر التي قد يتعرض لها المصرف.
بكل الأحوال من الضروري الانتباه إلى مسألة التنافسية والتركيز عليها، خاصة أنها استطاعت في وقت من الأوقات أن تكسر جمود الأسعار وتدفع بالتجار والمنتجين إلى طرح منتجات تنافسية تمتلك المواصفات التي تجعلها قابلة للتصريف في الأسواق المحلية وحتى الخارجية بشكل أفضل من غيرها، ولعل هذا ما نفتقده اليوم والذي أدى إلى فورة سعرية دخلت في متوالية حسابية قد يصعب إيقافها في ظل المعطيات الاقتصادية الحالية.
حديث الناس – محمود ديبو