الثورة أون لاين – تحقيق – فادية مجد:
رغم أهمية القطاع الزراعي باعتباره رافعة الاقتصاد الوطني ما زال واقع الزراعة في محافظة طرطوس يرزح تحت نار ارتفاع مستلزمات الإنتاج الزراعي وغياب الدعم الحقيقي من قبل الجهات المعنية للفلاح جعل الأخير يصارع الخيبات والخسائر الكبيرة والمتلاحقة دون أن تلقى استغاثاته المستمرة الآذان الصاغية والحلول الجذرية لمعاناة طالت ووعود لم تنفد.
الثورة أون لاين التقت عدداً من مزارعي زراعات مختلفة في محافظة طرطوس للوقوف على منغصات
الإنتاج الزراعي الخاصة بكل زراعة ومقترحاتهم ومطالبهم..
شبعنا وعوداً !!..
غلاء مبيدات وأدوية التفاح..
وفي جولتنا على بعض المزارعين التقينا العم “عدنان عيسى” وهو مدرس متقاعد ومزارع تفاح وزيتون والذي تحدث لنا عن منغصات مزارعي التفاح قائلاً: يأتي في مقدمة تلك المنغصات غلاء المبيدات الفطرية والحشرية، حيث إن ليتر المبيد الذي كان يشتريه الفلاح في العام الماضي بقيمة سبعة آلاف اشتراه هذا العام بسعر يتراوح ما بين أربعين وخمسين ألفاً.
*غلاء وعدم توفر الأسمدة..
يضاف لذلك غلاء الأسمدة، حيث تم رفع ثمن الكيس الواحد من سماد اليوريا ( آزوت ٤٦ ) من ٩٠٠٠ إلى سعر ٧٥ ألف ليرة للكيس الواحد ولم يتم توفيره للفلاحين، بل رفعت الأسعار فقط وفي هذا إفساح المجال للتجار ليكووا الفلاحين بنيران أسعارهم.
أزمة تسويق التفاح..
ويضيف “عيسى” قائلاً: أما المنغص الأهم فيكمن في تصريف المنتج، إذ تعاني الأسواق أثناء مرحلة الإنتاج من اختناقات كثيرة وكساد كبير، الأمر الذي يضطر المزارع إلى بيع محصوله بأقل من نصف التكلفة وأحياناً بأقل من ثلث التكلفة وهذا برأي “عيسى” يعود إلى ارتفاع تكلفة نقله إلى المحافظات الأخرى بسبب غلاء المازوت الحر لشاحنات النقل وإلى انقطاع الكهرباء الطويل، الأمر الذي جعل معظم أصحاب البرادات يحجمون عن تشغيل براداتهم لحفظ مادة التفاح وتبريدها، ما دفع بالمزارعين إلى تسويق محصولهم إلى سوق الهال وبخسارة لأن السورية للتجارة تأخرت باستجرار محصولهم، بالإضافة إلى عدم توافر مادة المازوت الزراعي.
أسعار غير المنصفة للسورية..
وذكر “عيسى” أن تكلفة إنتاج الكيلو غرام الواحد لهذا العام وصلت إلى حوالي ٨٥٠ ليرة ضمن الحقل، وعملية توضيبه في عبوات سعة الواحدة منها ٢ كيلو وثمنها ٥٠٠ ليرة مع أجرة النقل إلى سوق الهال مع الكمسيون لتصل تكلفة إنتاج كيلو غرام من التفاح إلى ١٢٥٠ ليرة. مبيناً أن مزارع التفاح باع إنتاجه في سوق الهال النوع الأول يتراوح ثمنه بين ٧٠٠ إلى ٨٥٠ ليرة، أما النوع الثاني فيتراوح بين ٥٠٠ و٦٠٠ ليرة للكيلو، فيما وصل سعر النوع الثالث إلى أقل من ٣٠٠ ليرة وعليه يكون متوسط سعر الكيلو غرام حوالي ٥٠٠ ليرة وهنا نطلب من الجهات المعنية أن تقارن بين تكلفة الإنتاج وبين متوسط سعر البيع حتى يدركوا الخسارة الكبيرة التي لحقت بالمزارع وإلى متى سيبقى يتحمل تلك الخسائر مبيناً أنه قد يأتي يوم ويضطر فيه المزارع إلى اقتلاع أشجار التفاح مصدر رزقه.
مزارعو الزيتون وهمومهم..
أما منغصات مزارعي الزيتون في المحافظة فلا تختلف كثيراً عن منغصات مزارعي التفاح فغلاء المبيدات والأسمدة وعدم توافرها في أغلب الأحيان هي القاسم المشترك إضافة إلى مرض عين الطاووس وارتفاع أجور اليد العاملة اللازمة للقطاف والحراثة والتقليم والنقل إلى المعاصر..
وعن تكلفة عصر الزيتون يقول العم “عدنان: إن التسعيرة الموضوعة لهذا العام لعصر كل كيلو غرام من ثمار الزيتون هي / ١٣٥ / ليرة أو ثمانية بالمئة من الإنتاج، وهذا أجر مرتفع جداً.
ولفت إلى أن صفيحة الزيت تصل تكلفة إنتاجها بين ٢٥٠ ألفاً إلى ٢٨٠ ألف ليرة كحد أدنى هذا من جهة، ومن جهة أخرى ضعف القوة الشرائية لدى المستهلك الذي يقف عاجزاً عن دفع أقل من ربع هذا المبلغ بكثير، الأمر الذي يؤدي إلى كساد المنتج.
واقترح أن تقوم الجهات المعنية بتسويق المنتج من الفلاح مباشرة بشكل يراعي تكلفة الإنتاج مع هامش ربح للفلاح وإدخال مادة الزيتون ضمن منظومة المواد الاستراتيجية وإقامة معامل لتوضيب مادة الزيت في عبوات تتراوح سعتها بين واحد ليتر و٥ ليترات حتى يتمكن المستهلك من شرائها ودراسة ظاهرة معاومة شجر الزيتون ووضع الحلول لها.
البيوت المحمية..
أما أصحاب البيوت المحمية فلهم شجونهم وأهمها انقطاع الكهرباء الطويل وعدم توافر المازوت الزراعي وغلاء مستلزمات الإنتاج، يقول “أحمد محمد” وهو مزارع بيوت محمية عن التكاليف التي يتكبدها إن تكلفة كل بيت محمي لأي مزارع عبارة عن حراثة الأرض حيث يكلف الدونم الواحد خمسين ألفاً وهذه مساحة بيتين محميين، ووضع السواد والسماد مع تعقيم للأمراض الموجودة في التربة، وحاجته 25 كيس سواد،
وتكلفة كل كيس من ٤٠٠٠ حتى ٨٠٠٠ ليرة، أما كيس السماد الواحد (المشكل) فيبلغ مئة ألف ليرة هذا إن كان متوفرا
في المصارف الزراعية، فالعام الماضي كانت الأولوية في توزيع السماد لمزارعي القمح.
كما يبلغ سعر نايلون التعقيم للبيت الواحد مئة وأربعين ألف ليرة ولفة النايلون الخارجي العادية تسعمئة ألف ليرة لكل بيت محمي، فيما تصل تكلفة الشتول لكل بيت حتى ٦٠٠ ألف ليرة حسب نوع الشتول ( بندورة ، باذنجان ، فليفلة..)
عدا عن غلاء الأسمدة التي نشتريها من السوق السوداء والأدوية وأجور النقل وغلاء المحروقات، حيث يبلغ سعر صحيفة المازوت ٦٥ ألف ليرة والبنزين ٧٥ ألفاً مؤكداً أن تكلفة البيت تترواح بين ٢،٥ مليون حتى ٣ مليون ليرة.
مزارعو التبغ ومعاناتهم..
مزارعو التبغ في المحافظة ليسوا بأفضل حال ونقل لنا رئيس الرابطة الفلاحية في القدموس “هيثم سليمان” همومهم حيث أفاد قائلاً: توصف زراعة التبغ بأنها زراعة الشقاء للأسباب التالية:
اعتمادها على جهد كامل الأسرة لإنتاج المحصول.
مجمل الزراعة تحت رحمة الظروف الطبيعية من صقيع وجليد وثلوج ونقص في الأمطار وانحباسها بأوقات النمو واستمرار المحصول الواحد على مدار العام، مبيناً أن أبرز منغصات مزارعي التبغ تتمثل بارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج من أسمدة عضوية وكيماوية وأدوية ونايلون وأجور يد عاملة وخيوط وارتفاع أجور الآليات الزراعية وعدم توافر المازوت.
والمتوفر ٢٠% من المطلوب، إضافة إلى الكوارث الطبيعية من برد وجليد وانخفاض الأسعار مقابل ارتفاع جنوني بالتكلفة والفروقات بأسعار الأصناف، حيث الاكسترا ٤٥٠٠ وسعر الصنف الثالث ١٠٠٠ ل.س في حين يبلغ سعر الكيلو حر أكثر من ١٧٠٠٠ ل.س.
ولفت “سليمان” إلى أن القرار الأخير المتعلق بتحرير أسعار الأسمدة وإيقاف الدعم المقدم لها من قبل الحكومة جاء بمثابة صفعة لكل مزارع، في وقت وجه فيه السيد الرئيس لإعطاء الأولوية للشأن الزراعي وتمويله بكل المستلزمات.
حسب الكميات المتاحة ؟؟!!..
وبعد تلك الجولة جملة من الأسئلة أرسلناها لمدير زراعة طرطوس المهندس “علي يونس” والذي أشار رداً على سؤالنا حول تأمين مستلزمات الإنتاج (أسمدة- بذور – مواد مكافحة) والتي يشكو الفلاح من غلاء أسعارها في السوق السوداء والصيدليات الزراعية إلا أن مؤسسات الدولة تقوم بتأمين بعض مستلزمات الإنتاج الزراعي وبالكميات المتاحة ومنها بذار القمح بنوعيه القاسي والطري وبذار البطاطا والفطر والتبغ، أما الأسمدة فيتم تأمينها عبر المصارف الزراعية وحسب الكميات المتاحة.
٢٦٠ مركزاً لبيع المستلزمات الزراعية..
وبالنسبة لمواد المكافحة والمبيدات فتقوم مديرية الزراعة بمنح التراخيص اللازمة للمهندسين الراغبين بفتح مراكز بيع وتداول المواد والمستلزمات الزراعية حيث بلغ عدد المراكز المرخصة ٢٦٠ مركزاً منها مركزان لصالح نقابة المهندسين الزراعين وأربعة مراكز لصالح اتحاد الفلاحين بطرطوس حيث يتوفر فيهما أغلب المواد والمستلزمات الزراعية من مبيدات وبذور وأسمدة وتورب ومرشات وأدوية زراعية كما تساهم المديرية بدعم حملات المكافحة كما في حملة مكافحة مرض تبقع عين الطاووس على الزيتون في الربيع من خلال تقديم آلات المكافحة والجرارات للمزارعين لرش بساتينهم في بؤرة الإصابة مجاناً. مبيناً أنه يتم أيضاً وفيما يخص مرض عين الطاووس تأمين أطاعيم وغراس الأصناف المتحملة للمرض كصنفي السكري والعيروني وتشجع زراعتهما في بؤر الاصابة بمرض عين الطاووس.
تعديل النسبة المحددة للتعويض في الزراعات المحمية..
ورداً على سؤالنا عن دور صندوق الجفاف في توفير حياة كريمة للفلاح من خلال تسويق إنتاجه بوقت وسعر مناسب ليتمكن من الاستمرار بزراعة أرضه؟ ولماذا لا يتم تعديل شروط صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية لتشمل كل المساحات المحاصيل وبما يتناسب مع الوقت الحاضر أوضح “يونس” بأن صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية يمنح التعويضات المالية للمزارعين المتضررين المحققين لشروط التعويض حسب القوانين الناظمة لعمل الصندوق، أما بالنسبة للتعديل فأشار إلى أنه تم تعديل النسبة المحددة للتعويض في الزراعات المحمية المتضررة بالتنين البحري فقط لتصبح واحد بالمئة من إجمالي المساحة المزروعة أو من المساحة المزروعة بنفس المحصول المتضرر في الوحدة الإدارية المعتمدة، حيث تم صرف تعويضات في عام ٢٠٢٠ وقيمتها للحرائق الزراعية بمبلغ وقدره إكثر من مليار ومئتين وسبع وسبعين مليون ليرة، ومحاصيل أخرى
( تبغ – حمضيات ) بمبلغ وقدره أكثر من ستة عشر مليوناً ونصف مليون ليرة. لافتاً إلى أنه تم تقديم الدعم للزراعات المحمية المرخصة والمزروعة بمعدل مئة ليرة لكل متر مربع واحد، أي بمعدل أربعين ألف ليرة لكل بيت محمي نظامي، والمجموعة الاولى التي تم صرفها حتى تاريخه بقيمة وصلت إلى أكثر من مليار وستمئة وواحد وخمسين مليون ليرة، فيما وصل عدد المزارعين الذين تم منحهم الدعم الى ٦٦٠٣ مزارعين.
وصندوق التعويض للزراعات المحمية هو اقتراح..
وبخصوص سؤالنا عن سماعنا باقتراح لإنشاء صندوق خاص بالتعويض لأصحاب البيوت المحمية ذكر مدير زراعة طرطوس أنه تم طرح اقتراح من أجل إنشاء صندوق تأمين الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني واقتراح آخر للزراعات المحمية من خلال إنشاء صندوق تأمين شامل للبيوت المحمية وحسب رغبة المزارع ويعود ريع التأمين لصندوق الجفاف والكوارث الطبيعية.
دراسة تكلفة كيلو التفاح والتبغ ورفعها للوزارة..
وحول شكوى مزارعي التفاح من أن الأسعار التي قدمت لهم عند استجرار محصولهم من السورية للتجارة بأنها غير منصفة إضافة لتأخرها باستلام المحصول هذا العام إضافة لمطالب مزارعي التبغ بزيادة الأسعار وتقليص الفارق السعري بين الأصناف أوضح يونس أن دور مديرية الزراعة في هذا المجال ينحصر بدراسة تكلفة إنتاج واحد كيلو غرام من إهم الزراعات ومنها التفاح والتبغ، واللجنة برئاسة ممثل مديرية الزراعة وعضوية كل من اتحاد الفلاحين وفرع الحزب وغرفة الزراعة حيث تحدد تكلفة إنتاج واحد كيلو في كل عام وترسل لوزارة الزراعة.
والمازوت الزراعي يوزع حسب الكميات المتاحة !!!
وبالنسبة لشكوى المزارعين من عدم توافر المازوت الزراعي قال إن دورهم يقوم على تحديد الاحتياجات الشهرية من مادة المازوت مشيراً إلى أن هناك لجنة محروقات في المحافظة يتم دراسة الوارد من المشتقات النفطية وتوزيع المادة حسب المتاح إضافة إلى لجان في المناطق برئاسة مدير المنطقة حيث يتم توزيع المازوت الزراعي حسب الكميات المتاحة.