تقول الرواية الأميركية ويدعمها في ذلك إعلام أداتها الانفصالية “قسد”: إن الهجوم الذي نفذه تنظيم داعش على السجن في غويران بمدينة الحسكة هو نتيجة لتخطيط امتد لستة شهور سابقة، وإن أكثر من 200 إرهابي شاركوا فيه جاؤوا من عدة مناطق سورية ومن العراق أيضاً.
فإذا كان الأمر كذلك، كيف لم تتمكن القوات الأميركية الغازية من رصد هذه التحركات ومواجهتها بالوقت المناسب، وخاصة أن هذه القوات تدّعي أن وجودها في العراق وسورية هو لمحاربة تنظيم داعش.
لكن من يدقق فيما يجري هذه الأيام على الساحتين السورية والعراقية اللتين شهدتا هجومين متزامنين نوعاً ما من جانب التنظيم الإرهابي، سيجد بكل سهولة أن الأمر لا يمكن أن يكون بمحض الصدفة، بل هو بكل تأكيد منسق ومؤقت على الروزنامة الأميركية دون غيرها.
توقيت الهجوم على سجن الثانوية الصناعية بالحسكة الذي تديره ميليشيا “قسد” تحت الإشراف الأميركي المباشر له دلالات وأهداف واضحة لا يمكن إنكارها، وهي أن واشنطن نفذت هذا الفيلم الدامي لتضلل كل الأطراف التي سئمت من الكذب الأميركي، في محاولة منها لإعطاء صورة مختلفة كلياً عن العلاقة الحقيقية والحميمية بين تنظيم داعش الإرهابي والولايات المتحدة.
فأن يموت الأطفال السوريون والشيوخ والعجزة والنساء برداً وجوعاً، أو بنيران القوات الأميركية ونيران أدواتها على الأرض، الداعشية منها أو الانفصالية، فهذا لا يعني إدارة البيت الأبيض بشيء بقدر ما يعنيها أن تسوّق كذبة كبيرة كالتي تجري الآن على الأرض السورية في الحسكة، وما رافقها من سفك لدماء السوريين الطاهرة وما نتج عنها أيضاً من تدمير ممنهج للبنى التحتية والمرافق العامة والمنشآت التعليمية، والهدف من هذه الكذبة هو الالتفاف على كل الأصوات التي تطالب الولايات المتحدة الأميركية بسحب قواتها بشكل كامل ونهائي من الأراضي السورية وكذلك العراقية.
ولكن من اعتاد تزوير الحقائق وفبركة الأحداث لمصلحة أجنداته الإرهابية والتدميرية فلن يتوانى عن فعل أي شيء من أجل تحقيق غاياته اللاإنسانية في السيطرة والاحتلال والسرقة، حتى وإن امتهن كرامة الإنسان وارتكب جرائم حرب كما يجري الآن في مدينة الحسكة الجريحة، الأمر الذي يفرض على المجتمع الدولي ومؤسساته المعنية، وخاصة مجلس الأمن الدولي أن يتحمل مسؤولياته القانونية ويوقف البلطجة الأميركية في المنطقة والعالم.
حدث وتعليق – راغب العطيه