بين الاستقرار البناء والفوضى الخلاقة

فكرتان تحكمان الوضع الدولي تتبناهما القوى الكبرى الفاعلة في المشهد الحالي وهما الاستقرار البناء، وهو ما تسعى وتعمل عليه كل من جمهورية الصين الشعبية واتحاد روسيا، يقابلهما في الضفة الأخرى فكرة أو لنقل استراتيجية الفوضى الخلاقة التي تتبناها بشكل أساسي الولايات المتحدة الأميركية وبعض توابعها وملحقاتها، فمن وجهة نظر أصحاب الاستقرار البناء أن أي تغيير أو إصلاح في دولة ما يجب أن يكون عبر آلياتها الداخلية ودستورها وقوانينها وتجربتها الديمقراطية أي عبر الآلية السلمية غير العنفية، ومن دون أي تدخل خارجي أو استعانة بطرف ثالث.
وعلى المقلب الآخر يرى أصحاب الفوضى الخلاقة أن التغيير في المجتمعات والدول يجب أن يتم عبر العنف والصراع الداخلي والاستعانة بالقوى الخارجية كداعم للقوى التي تراها قوى تغيير نحو الحرية والديمقراطية والحياة الأفضل ضمن مفاهيمها أو مفهومها هي بالطبع، ولا شك أن ما جرى ويجري في عالمنا العربي وبعض دول العالم جرى في هذين السياقين، ولعل ما سمي الربيع العربي هو أحد تجليات ذلك.
وبالنظر لهذين النهجين تبدو فكرة الاستقرار البناء هي ما ينسجم مع الواقع ويحقق الأهداف من التغيير دون كلفة بشرية أو مادية ونتائج كارثية كما حصل لبعض البلدان العربية التي اجتاحتها موجات العنف والصراع الأهلي، وما استتبعه من تدخلات خارجية كانت ضحيتها شعوب المنطقة العربية وسلمها الأهلي واستقرارها الاجتماعي، وكل ما أنجزته خلال العقود التي تلت نيلها الاستقلال عن الاستعمار الذي جثم على صدورها عشرات بل مئات السنين، وما تركه من ندوب وجراحات في جسدها الوطني وسعيها لتحقيق تنمية متوازنة وشاملة.
وفي سياق آخر وخارج المفهومين المشار إليهما على الصعيد الداخلي لكل دولة تبدو إحدى الفكرتين المشار إليهما على تناقض كامل مع ميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية، وكل ما جاءت به معاهدة وتسفاليا عام 1684 منذ ذلك التاريخ وحتى الآن مروراً بمرحلة عصبة الأمم، وتالياً هيئة الأمم المتحدة وحتى الوقت الحاضر، ففي حين تبدو فكرة الاستقرار البناء تحترم مبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام مفهوم الشرعية وحق الشعوب في تقرير مصيرها وشكل الحكم فيها نرى في المقلب الآخر أن دعاة الفوضى الخلاقة لا يقيمون وزناً لكل هذه المبادئ والمفاهيم، فيتحدثون علناً عن ضرورة تشجيع ودعم واحتضان أي حالة من حالات التمرد الداخلي واستخدام العنف وسيلة للتغيير وانتهاك سيادة الدول عبر التدخلات الخارجية أو دعم القوى المتطرفة بكل مسمياتها وإسباغ سمات عليها من قبيل قوى التغيير الديمقراطي ومناهضة الاستبداد وتمكين المرأة وغيرها لجهة إضفاء شرعية ما على تدعيمها والدفاع عنها وتبرير سلوكها العنيف أو اتباع سياسة إشعال النيران والامتناع عن إطفائها، أي ما يمكن تسميته سياسة القتل من دون تدخل أو القاتل السلبي.
إن معاينة للوضع الدولي الراهن تشي بشكل واضح أن العالم يعيش حالة من النكوص السلبي والعودة إلى أجواء ما قبل معاهدة وتسفاليا، حيث السائد آنذاك أن حدود الدول والإمبراطوريات تحددها عناصر القوة العسكرية أي حدود القوة لا مبدأ السيادة، ولاشك أن عودة تلك الحالة من الفوضى وغياب الرادع الدولي والتحلل من قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة سيدخل دول العالم في دوامة صراعات لا تنتهي، ستكون تكلفتها باهظة على شعوب العالم كافة، وفي مقدمة ذلك مشعلو الحروب ونافخو أوارها والمستثمرون في مآسي الآخرين من تجار الدم دعاة العولمة المتوحشة والليبرالية الحديثة أو ما بعد الحداثة، ولعل ما جرى ويجري في أوكرانيا وقبلها دول آخرى هو مؤشر إلى ذلك، بدليل أن المستفيد الأكبر مما جرى هم أباطرة المال من شركات السلاح وشركات النفط والغاز وسماسرة القمح وغيره من مواد أساسية سيكون لاحتكارها من منتجيها نتائج كارثية على دول فقيرة في إفريقيا وآسيا، يعاني سكناها فقراً مدقعاً يدفع بهم للمغامرة في هجرة عابرة للحدود، تودي بهم إلى الموت غرقاً أو قتلاً في محرقة الإرهاب والتطرف.

آخر الأخبار
لجنة الانتخابات تصدر النتائج الأولية وتفتح باب الطعون الإعلام شريك في حماية الطفولة في الحوادث وطب الطوارئ.. حين يُحدث التوقيت فرقاً في إنقاذ الأرواح الشيباني عن زيارته للدوحة: بحثنا توطيد العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون زيارة الشرع المرتقبة إلى موسكو.. وإعادة رسم طبيعة الشراكة الجوز واللوز والفستق الحلبي.. كسر حاجز الكماليات وعودة للأسواق مركز الأحوال الشخصية بجرمانا.. خدمات متكاملة خطة لإعادة تأهيله.. تقييم أضرار مبنى السرايا التاريخي تدمير القطاع الصحي.. سلاحٌ إسرائيليُّ آخر لقتل الفلسطينيين تطوير وتعزيز الإنتاج الزراعي المحلي في ريف القنيطرة في الشهر الوردي.. ثمانون عيادة في اللاذقية للفحص والتوعية محادثات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل حول خطة ترامب أسعار الكوسا والبطاطا في درعا تتراجع.. والبندورة مستقرة  "السورية لحقوق الإنسان" تستقبل وفداً من "الآلية الدولية المحايدة والمستقلة"  التعليم المهني في حلب.. ركيزة لربط التعليم بالإنتاج منشآت صناعية وحرفية بحلب تفتقر للكهرباء.. فهل من مجيب..؟ سيارة جديدة للنظافة.. هل ستنهي مشهد القمامة في شوارع صحنايا؟! كيف نتعامل مع الفساد عبر فهم أسبابه؟ الشهر الوردي.. خطوة صغيرة تصنع فرقاً كبيراً فوضى البسطات في الحرم الجامعي.. اغتيال لصورة العلم وحرمة المكان