إذا كانت حقائق التاريخ تقول وهي صادقة فيما تقول: إن السوري منذ أن كان هو المزارع الأول والفنان والطبيب والمهندس والمبدع والشاعر والروائي هو الطيب المتميز الحنون هو المعطاء بكل شيء.
يحول الصحراء إلى جنان وارفة أينما كان وحل يصنع ويبتكر ولا تثنيه المصاعب مهما كانت.
هذا كله ليس إنشاء ولا ضرباً من الخيال.. لكنه الآن مفارقة بحد ذاته أمام ما نراه من واقع صعب وقاس نعرف الكثير من أسبابه الخارج عن الإرادة، ولكن ماذا عن الأسباب الذاتية التي يمكن أن يتم تجاوزها وتلافيها وهذا ليس مكلفاً أبداً.
الخبز الذي تدعمه الدولة بالمليارات يتحول إلى نقمة عليه وعليها.. من قبل تجاره.. يفرح السوري حين يحصل على ربطة خبز بلا ألف معركة من قبل عديمي الضمير.
يفرح حين تأتيه الكهرباء ساعة كل خمس ساعات ونيف، وهو يرى أنها تأتي بمكان آخر لساعات.
يفرح السوري حين يجد وسيلة مواصلات بعد انتظار ساعات، ولا يناقش عديمي الضمير الذين يضاعفون الأجر وهم يدعون أنهم يشترون المازوت من السوق السوداء وهم غير صادقين.
يفرح حين تظل شبكة الإنترنت تعمل ساعة بعد انقطاع التيار الكهربائي بينما يدفع هو أكلافاً كبيرة بحجة تحسين الخدمة.
يفرح السوري إذا وجد بائع خضرة يكتفي بربح مئة في المئة.
هل تصدقون أن أحدهم كان يبيع كيلو السلق بـ٦٠٠٠ ليرة، وعند جاره بـ٤٠٠٠ والنوع نفسه؟.
يفرح السوري حين تخبره سيدة البيت أنها أنجزت وجبة الغسيل خلال اليوم، ماذا نعدد من أفراحه وما أكثرها.
يفرح السوري حين يسمع المسؤول أي مسؤول يعد أول الصيف بشتاء دافئ، وحين يبدأ الشتاء تتبخر الوعود مع أنها يجب أن تتجمد.
يفرح السوري حين تنفذ الوعود الحكومية.
أكلاف بسيطة فقط هي الضمير والمراقبة والمحاسبة فقط تصنع ما يجعله يثق أن الدنيا لاتزال بخير.
يفتك به الأسى حين تتضاعف أسعار الأدوية خلال شهر مرات ومرات.. والحجة جاهزة زيادة التكاليف والعمل على تحسين المنتج.
هل نكمل أكثر ما في القائمة كثير ومرَّ، ولكن أكثره مرارة أن كل شيء موفور موجود لمن يملك المال، ومازال البحث جارياً عمن يعمل بضمير.. لا شك أنهم موجودون.. وطننا بخير لكننا نحن لسنا بخير حين تغيب ضمائرنا ونصف البلاء منا وفينا وما تبقى يمكن علاجه فهل نفعل ولنبدأ بأنفسنا بتجارنا بمن لايشبع من مال؟.