الثورة – دمشق – رفاه الدروبي:
عاد المعرض السنوي للفن التشكيلي إلى ألقه من جديد كي يتصدَّر قاعات المتحف الوطني بعد غياب طال ليتفرَّد بلوحات ضمن فعالية الفن التشكيلي السادس”الهوية والتجديد”، حيث ضمَّ مئة عمل تراوحت بين الخزف والرسم والخط العربي والنحت والتصوير الضوئي.
أمين سر نقابة الفنانين التشكيليين غسان غانم أشار إلى أنَّ المعرض السنوي المنظَّم من قبل وزارة الثقافة بالتعاون مع فنانين تشكيليين، فكان بين جيلي الأصالة والحداثة، وقدَّموا أعمالاً فردية فنية، منها ٢٥ عملاً نحتياً لفنانين تصدَّرت أسماؤهم على المستويات المحلية والعربية والعالمية، لافتاً إلى أنَّ الشباب الناشئ كانت مشاركاته بمكان مهمِّ تُعرض فيه منحوتات ولوحات عالمية.
ورأى الناقد سعد القاسم أنَّ عودة المعرض إلى مكانه في المتحف الوطني بدمشق بعد غيابه عن المكان المخصص له عقدين من الزمن عام ٢٠٠٣ منذ تأسيسه عام ١٩٥٠، والأسباب كانت لوجستية بعد عرض تمثال تراجان في القاعة فشُرِّد المعرض عقدين من الزمن ليتجوَّل بين خان أسعد باشا العظم ومركز الفنون البصرية، مُوضِّحاً أنَّ المعرض السنوي دائماً يُشكِّل حالة حميمية ليعود العام الحالي إلى ألقه بجهود مدير المتحف ووزارة الثقافة بعد تأهيل الأجنحة والصالة المعروضة فيها اللوحات الفنيَّة، ما يُعطي أهميَّة عرضه في المتحف وعودته من جديد.
كما أكَّد الناقد القاسم أنَّه استوجب أشياء مهمَّة كون المساحة محددة ولم تعد مفتوحة كالسابق، ولا يمكن عرض كلَّ ما نُفِّذ لأنَّ عملية الانتقاء كانت دقيقة وصعبة وتمَّ اختيار أعمال متفرِّدة ومتميِّزة، كما تواصلت مديرية الفنون في الوزارة مع فنانين كبار للمشاركة، مُنوِّهاً بأنَّ المعرض في العام الحالي غلب عليه الطابع الثقافي دون اقتناء بعض اللوحات وخُصِّص للثقافة والمعرفة واطلاع الجمهور عليها، وأعاد الأسباب بأنَّ بعض الفنانين يشاركون للاقتناء بينما كان الهدف العرض، والأمر الثاني أنَّ اللوحات الفردية للفنانين الكبار ذات قيمة مادية عالية تفوق الإمكانات المادية للوزارة وسيتمُّ الاختيار على حساب اللوحات الأقل، ويكفي من يعرض متابعة أعماله من قبل المتلقي ويعتبر مكسباً بالنسبة له، خاتماً حديثه أنَّ المعرض كان بسوية عالية أكثر تميُّزاً عن جميع المعارض بكلِّ ما فيه من حيث المدارس المطروحة والألوان والتقنية وأهميّة المشاركين ومن هنا نقول إنَّ المعرض عاد لرونقه ومهابته.
بدوره الدكتور سائد سلوم أوضح أنَّ المعرض شهد ازدحاماً شديداً من قبل جمهور متعطِّشٍ للفن والحاجة الجمالية، فاللوحات المعروضة ذات مستوى جيد جداً وتحتاج إلى وقت للتقييم والدراسة؛ ولكنَّ الموضوعات المطروحة فيها تعكس آلام الفنانين وحياتهم ومشاغلهم وتفكيرهم بالواقع. وكل فنان قدَّم حدثاً معيَّناً يُلامسنا جميعاً، واعتبرها رسالة جمالية ذات قيمة معاشة من قبل كلِّ فنان.
كما أكَّد أنَّه عبّر في لوحته عن مشاعر داخلية وعمَّا يحيط بنا من أحداث وواقع يختلط الحجر والبشر والشجر بالطبيعة في خلائط ليست مشهودة ومعروفة في الواقع المألوف دائماً تكون غريبة، ربَّما يمكن لها حدس يشير إلى مستقبل مخيف، لأنَّ ما نراه أشياء متعلقة بموضوعات كانت غريبة ومخيفة في زمن ما عندما كنّا نشاهد ما يحيط بنا، إنَّها إشارة إلى حدث جلل نشهده في حالة صعبة، وكأنَّه مألوف عندنا حيث نرى الموت والدمار والخراب على مستوى الكرة الأرضية والإنسانية، منوِّهاً بأنَّه طرق في لوحته باب المدرستين الرمزية والتعبيرية بسبب غرائبية التناقض والتضاد بين الأشياء الموجودة.
الدكتورة باسمة محمد من منظمي المعرض أشارت إلى أنَّ المعرض بدأ تنظيمه منذ الشهر الثامن لنجني ثماره في مجموعة تشكيلية واسعة من الفنانين بأعمال متفاوتة لمعرض متكامل؛ ولم تعرض الأعمال في مكان واحد لأنَّ القاعة لا تستوعبها، مُنوِّهة بأنَّها شاركت بلوحة طباعة بالأبيض والأسود.