غريب ما نتلقاه كل يوم من معلومات (مفرفطة من هنا وهناك)، عقب دعوة الحكومة المواطنين إلى فتح حسابات مصرفية، تمهيداً للتحول نحو البدل النقدي للدعم المتلقى عبر مواد البطاقة الالكترونية.
للوهلة الأولى تلقى المواطن النبأ بسعادة خجولة متحدثاً في داخله عن أن الخطوة ربما تكون لتحسين وضعه المعيشي، ومسعفة لما ينتظره من مطالبات الديون (المتلتلة) في أكثر من مكان من البقال وصولاً إلى ما تركته القروض الكبيرة من امتصاص لدخله الشهري.
لتبدأ أولى المعلومات عن أن الخبز سيكون أول المستهدفين في عملية التحول للبدل النقدي من بين السلع المدعومة على البطاقة الالكترونية، وما سيحصل أن الخبز سيسعر ب٣ آلاف ليرة (السعر الحر) بدلاً من ٤٠٠ ليرة، وسيبقى على البطاقة بنفس المخصصات، والسؤال هل سيغير ذلك من مشهد المتاجرة والطلب على الخبز بهدف البيع؟.
الجواب بالتأكيد لا.. الطلب سيبقى وكل ما يحصل أن سعر الربطة تغير وبالتالي سعر السوق السوداء سيرتفع، وسيبدو أكثر شراهة، وهذا يعني أن الطلب على القمح من أجل تصنيعه وتحويله إلى دقيق سيزداد، وبالتالي مزيد من عقود الاستيراد في ظل ضعف ومحدودية إنتاجية محصول القمح الإستراتيجي، وما تتكبده الدولة لدعم إنتاجية القمح واستلامه، هو ما يجب تصويبه ووضعه على الطاولة وفي العناية المشددة في ملف الخبز.
إذاً وتحديداً ما يخص البدل النقدي للخبز، و يتلوه المازوت، ومن بعده البنزين والغاز لن تكون نتائجه محمودة، ما لم يكن هنالك استقرار على صعيد الإنتاج المحلي، وسنبقى ندور في فلك السوق السوداء وزيادة الطلب وعقود الاستيراد.
فكرة البدل النقدي شجاعة، وهي الأفضل لمحاربة الفساد، لكن ما نسمعه من معلومات تدل عن قلة خبرة وسطحية تجاه ملف كبير وشائك، تشي بأمرين، إما أن هنالك من لا يريد لشكل الدعم النقدي أن ينجح، أو بهدف إحداث الضجيج المزعج والمقلق للمواطن.
ومما نراه من فوضى معلومات حول ملف الدعم ليس سوى ضجة، لا تليق بحجم الاهتمام والشفافية الذي تمارسه و تطلبه الجهات العليا تجاه الملف.
بل إن ما يطرح يدعونا إلى التوقف والقول بأن المشهد لن يتغير لا تراجعاً ولا تقدماً، إلا إذا ترافقت الإجراءات مع تحسين الدخل ليشتري المواطن كامل متطلباته اليومية بما يسهم في تحريك السوق، وتكامل وزيادة في العملية الإنتاجية، والناتج المحلي لكل القطاعات دون استثناء زراعة، وصناعة، وتجارة، وسياحة، بالتوازي مع أسلوب جديد ومتطور في التعاطي مع جمع البيانات لتحديد المستحقين بواقعية وإيصال البدل النقدي إليهم وهم كثر.
ملاحظة: التجربة أثبتت أن المختار والبلدية ليسا بالضرورة وسيلة ومصدر ثقة لمعرفة المستحقين، قد يكونان أحد الوسائل.
رولا عيسى