الثورة – عبير علي:
افتتح الفنان التشكيلي بولص سركو معرضه في مقهى هيشو يشمل خمساً وعشرين لوحة تشكيلية، بأحجامٍ مختلفة.
في تصريح لـ”الثورة”، قال الفنان سركو: “أهدف إلى تقديم أعمال تتفاعل مع الجمهور من خلال وحدة الأسلوب وحداثته، إذ توصلت بعد تجارب طويلة إلى هذا التوازن بين الواقعية والتجريد”. تميزت لوحات المعرض بروحها المرنة والعفوية، إذ يعبر كل عمل عن رحلة الفنان في البحث عن الجمال، وعن الموضوعات في المعرض بين سركو أنها “متنوعة، لكنها بمجملها تتمحور حول الماء، بدءاً من الجرة الأوغاريتية وصولاً إلى شواطئ اللاذقية، وحتى ينابيع قريتي العوينات والغنيمية، كما تفرعت من موضوع الماء مجموعة مشاهد توثق تفاصيل الحياة الشاطئية، بما في ذلك صيادو السمك، والنوارس، والأحجار، والقوارب، مما يعكس علاقة الإنسان بالبيئة المحيطة، ومع استخدامه للألوان.
وأشار الفنان سركو إلى اختياره “اللون الأزرق والأحمر، إذ يعتبر الأزرق اللون الذي اكتشفه الأوغاريتيون من القواقع البحرية، فيما الأحمر يمثل نقيضاً متناغماً مع الأزرق البارد، كما استخدم بعض الألوان الترابية التي تناسب موضوعات معروضاته. وختم بالقول: “جميع الأعمال منفذة بتقنية خاصة تتناسب مع رؤيتي الفنية”، مشيراً إلى أن هذا المعرض ليس مجرد احتفال بالفن، بل هو دعوة للتأمل في جمال الطبيعة وارتباطنا بها.
تشكيل ونقد
من جانبه، أشار الناقد التشكيلي علي الراعي إلى أنه لا بد للفنان بولص سركو، في كل معرض يقدمه، من العودة إلى الأرض السورية القديمة، إما ليأخذ لوناً، أو ليستعير أسطورة، أو حكاية، أو تكويناً قديماً، ومن ثم يبني على ذلك نتاجه التشكيلي المعاصر، فقد يستعير الجرة الأوغاريتية، وهي تعكس نتاج شغله على الجرار الذي بدأه منذ مدة طويلة بعض الشيء. تلك الجرار تقارب بين موضوعه الجمالي الأساسي، الذي يبدو أنه الثابت الوحيد لديه والذي يتكرر كتوقيع لهذا الفنان، فهو يسعى إلى الإيحاء التكويني الأنثوي الذي يضفي الحيوية والجمال على الأشياء، مرةً على العمارة، وحيناً آخر على الآلة الموسيقية، ولاسيما الكمان، وطوّر علاقته مع الرموز الأسطورية.
ولفت الناقد الراعي إلى أن الفنان سركو يقارب بين هذا التكوين الأنثوي والجرة الفخارية القديمة، سواء من حيث التكوين أو الفكرة، إذ شكلت الجرة الأوغاريتية رمزاً قديما يُجسد الآلهة- الأنثى، وهي تأتي من المفهوم أن المرأة هي النهر الأبدي الذي يمر عبر جسدها نسغ الإنسانية، وكان الماء المقدس الذي يُديم الحياة عبر هذين التكوينين”. ومع ذلك، فإن العمل- والقول للراعي، على هذه “الجرار” لم يكتمل بعد، بل هي أجزاء من مرحلة قابلة لمزيد من البناء عليها، يقدم سركو بهذا العمل نموذجاً يمشي على تخوم الشكل واللا شكل، وهو من مميزات تشكيله. ورغم ذلك، لا يفرط في وحدات تشكيلية ثابتة، منها وحدة اللمسة اللونية، وتجاور ألوان معينة، بل هناك أيضاً وحدة في التكوين تبرز كتلاً معينة في فضاء اللوحة وفراغها، وهذا ما يُطلق عليه “أسلوب الفنان”.
يُعتبر معرض بولص سركو في مقهى هيشون نقطة تلاقٍ بين الفن والجمهور، ويمثل تجربة فريدة لمحبي الفن في اللاذقية.
بطاقة تعريف:
الفنان التشكيلي بولص سركو
المواليد: 1958
انتسب إلى معهد دير كيلين للفن التشكيلي في أنتويرين- بلجيكا، عام 1984. حائز على شهادة تقدير من نقابة الفنون الجميلة. أعماله مقتناة في دول مختلفة تشمل “سوريا، لبنان، أبو ظبي، بلجيكا، فرنسا، ألمانيا، روسيا، الدنمارك”.
له عشرات المعارض الفردية وعشرات المعارض الجماعية.