التسويق الزراعي الاحجية التي أعيت الكثيرين.. ما العقبات التي تواجه الفلاح لتسويق منتج الزراعي وما الحلول..؟
ثورة اون لاين: كان تسويق المنتجات الزراعية ولا يزال تلك الأحجية التي استعصي حلها رغم كل التوجهات والقرارات التي اتخذت على أرض الواقع وبقيت رهينة أدراج المؤسسات ودوائر صنّاع القرار، فإقامة اتحادات وجمعيات نوعية كحل جذري لها لم تحل المشكلة، ونوازع الإحتكار ولعبة التجار مازالت أقوى من إرادة مؤسسة الخزن والتسويق، وتعدد أوجه سلسة التسويق الزراعي واختلافها بين مزارع ووسيط وتاجر (الجملة والمفرّق) وجمعيات تسويقية وغيرها مازال حاضراً بقوة في أدبيات التعاطي الزراعي من مرحلة الإنتاج إلى التسويق، هذا في حين تتوجه أصابع التقصير أيضاً إلى الإتحاد العام للحرفيين لجهة غياب مراكز أبحاث زراعية أو مؤسسات تسويقية تتبع لها، مع العلم أن العقوبات الغربية والعربية المفروضة على اقتصادنا لا تشكل شمّاعة لدى البعض لأن يعلق عليها أسباب التقصير في أهم مفاصل العمل الزراعي التسوّق.
تقوم مديريتا التسويق والإرشاد في وزارة الزراعة بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو” واتحاد الفلاحين واتحاد غرف الزراعة على إعداد مشروع خاص لتطوير الإرشاد التسويقي الزراعي في سورية بشكل يساعد على تحسين جودة المنتجات ويسهم في رفع كفاءتها التسويقية على الصعيدين الداخلي والخارجي.
ويأتي المشروع في إطار خطة متكاملة لتطوير النظام الوطني للتسويق الزراعي تتضمن مشاريع عدة منها تطوير أسواق الجملة وتشكيل اتحادات نوعية متخصصة وزيادة وتطوير وسائل الدعاية والإعلان والترويج وتحسين البنية التحتية في المنافذ الحدودية وتطوير مشاغل الفرز والتعبئة والتوضيب والنقل والتبريد وإحداث نظام معلومات السوق.
كما أوضح المهندس مهند الأصفر مدير التسويق في وزارة الزراعة أن هذا المشروع يعمل على تطوير القدرات الفنية لصغار المزارعين من خلال تأهيل المرشدين المختصين في مجال الإرشاد التسويقي وتدريب المزارعين على تطبيق الممارسات الجيدة وتزويدهم بمعلومات عن السوق وزيادة الوعي لديهم حول الأنظمة والقوانين المحلية والعالمية الناظمة للتجارة الزراعية.
ولفت الأصفر إلى أن تعميم مفهوم الإرشاد التسويقي بين المزارعين يعد بمثابة المدخل الأساسي لتطوير حلقات سلسلة النظام التسويقي للمنتجات الزراعية بما ينعكس إيجابا على العاملين في هذا القطاع وصولاً إلى المستهلك ويشجعهم على مسك سجلات زراعية ويعلمهم كيفية اتخاذ القرارات السليمة والتغلب على المخاطر التسويقية التي قد تعترض طريقهم عبر إخضاعهم لدورات تدريبية مكثفة في مجال المواصفات والمقاييس والشروط التسويقية للخضار والفواكه.
ورأى أن المشروع سيعمل على تطوير معلومات المزارعين والمنتجين والتجار من خلال الممارسات الزراعية الجيدة ودورها في إنتاج زراعي منافس ومعاملات ما بعد الحصاد لما لها من أهمية في تعزيز تنافسية المنتجات وخفض الفاقد خلال عملية التداول بدءا من باب المزرعة وصولاً إلى المستهلك ويسهم في بناء قاعدة معلومات حول متطلبات الأسواق من حيث النوع والصنف والحجم واللون لكل مادة مؤكدا أن ذلك يترك أثرا ايجابيا عند المنتجين من خلال تحسين قدراتهم على المفاوضة أمام التجار ويحدد الوجهات والأسواق التي يتم توريد المنتجات الزراعية إليها.
كما لفتت مصادر إلى حاجة القطاع الزراعي وخاصة في الجانب التسويقي إلى طرق عملية يمكن أن تترجم على أرض الواقع دون أن تتحمل الدولة أي أعباء ناجمة عنها، مشيراً إلى أن الاتحاد يعمل بالتعاون مع وزارة الاقتصاد على إظهار الشفافية والوضوح في الأسس التي تبنى عليها تسعيرة المنتج الزراعي، مشدداً على ضرورة مراعاة التسعير الفعّال لوضع المنتجين والمستهلكين معاً بشكل يشجع المنتجين على رفع وتيرة إنتاجهم والمنافسة فيما بينهم لخفض تكاليف الإنتاج وطرح المنتج بالمحصلة بسعر أقل يجذب المستهلك ويرضيه ويشجعه على اقتناء أي سلعة.
وتطرقت هذه المصادر إلى أهم المعوقات التي تواجه الفلاحين بتسويق منتجاتهم حيث يتم نقل الخضار والفواكه في معظم الأحيان مباشرة من الحقل إلى الأسواق بواسطة شاحنات صغيرة أو متوسط السعة وبحمولة 2-6 طن أو بواسطة مقطورة تجر بواسطة جرار للأسواق المحلية حيث لا تتوفر في معظم الشاحنات الشروط النظامية من حيث حماية المنتج من الشمس والرياح المباشرة وشروط التنضيد أو توفر التبريد في بعض الأحيان لبعض الخضار والفواكه كما يتم تنضيد العبوات لنوع أو أكثر من الخضار والفواكه سواء كانت هذه العبوات صناديق على اختلاف أنواعها وأحجامها أو بعبوات البلاستيك أو أكياس المشبك مما يؤثر على جودة المنتج.
وبالتالي فإن معظم المزارعين ينقلون انتاجهم المعروض للبيع (خضار وفواكه ) إما بواسطة هذه الشاحنات فردياً إلى الأسواق المحلية أو الأسواق المركزية في المحافظة وأحياناً إلى المحافظات الأخرى وينقل المزارعون حوالي 50% من إنتاجهم من (الخضار والفواكه) للبيع بشكل مباشر إلى هذه الأسواق وفي كثير من الأحيان يتم جمع المنتجات الزراعية في الأسواق المحلية أو أسواق الجملة في المحافظة من قبل تاجر الجملة أو نصف الجملة لنوع واحد من الفواكه والخضار أو عدة أنواع في شاحنات متوسطة أو كبيرة نسبية 5 12طن لنقلها إلى محافظة أخرى وقد يقوم التاجر ببعض الأحيان بإجراء فرز على مستوى الصناديق ( أي يختار الصناديق الجيدة في فئة والمتوسطة في فئة ، والأنواع الأقل جودة ليقوم بشحن كل فئة إلى جهة في بعض الأحيان وأحياناً إلى جهة واحدة).
و في كثير من الاحيان يقوم أصحاب الشاحنات المتوسطة الحمولة من
)طن 4-6( (متعهد النقل ) بتحميل ونقل الخضار والفواكه بطريقة الجمع من أكثر من مزارع أو منتج إلى الأسواق وتسليمها للأسواق المركزية إما لحساب المزارع بالأمانة أو لحسابهم الخاص ، تشكل هذه الحالة نقل حوالي 20-25% من إنتاج الخضار والفواكه للبيع بشكل مباشر إلى تلك الأسواق.
إما النسبة الباقية من المعروض للبيع مباشرة والبالغة ما بين 25-30% فيقوم الضمان أو سماسرة تجار الجملة ونصف الجملة ، أو أصحاب مراكز التوضيب والتجهيز والتصدير بشرائها من الحقل مباشرة ونقلها إلى الأسواق أو المراكز المذكورة.
أما عمليات نقل الخضار والفواكه من أسواق الجملة ونصف الجملة إلى أسواق المفرق فتتم من قبل باعة المفرق وبواسطة شاحنة معظمها صغيرة أو متوسطة تتراوح حمولتها من 0.52 طن وهي شاحنات مكشوفة يتعرض من خلالها المنتج المنقول أيضاً لتأثيرات الظروف الجوية من شمس وحرارة وأحياناً أمطار.
وبينت المصادر أنه تؤدي الطرق السائدة في النقل حالياً إلى ما يلي:
-زيادة نسبة تلف المنتجات أما بنتيجة تعرضها للحرارة والهواء بشكل مباشر أو نتيجة تعدد نقلها من سوق إلى سوق بسبب تعدد أحجام وأشكال الصناديق والعبوات الأخرى مما يسيء إلى المنتج وجودته أثناء النقل بسبب عدم تنسيقها بشكل مناسب.
ـ معظم المزارعين والتجار ليس لديهم علاقة مع شركات الخزن والتبريد أو علاقات محددة مما يزيد صعوبة نقل هذه المنتجات وخاصة في ذروة الإنتاج وهذا لا يساعد على حصول المزارع أو المنتج على أسعار مناسبة في كثير من الأحيان.
ـ ومن جهة أخرى فإن مادة التفاح والبطاطا من أكثر الخضار والفواكه التي يتم نقلها وتخزينها بالبرادات وغالباً ما يقوم المزارعون بتخزين هذه المنتجات لصالحهم حيث يؤدي أيضاً نقل هاتين المادتين من المخازن المبردة إلى السوق مباشرة لأحداث صدمة حرارية بسبب عدم استخدام أسلوب الملائمة الحرارية المتدرجة وذلك عند خروج هذه البضائع من درجات حرارة منخفضة إلى درجات حرارة أعلى نسبياً مما يزيد من سرعة تلف المادة وعدم قدرتها على التخزين بالظروف الحرارية العادية وزيادة الفاقد.
ـ وفيما يخص نقل الخضار والفواكه بهدف التصدير فيتم نقلها في معظم الأحيان بشاحنات مبردة تتسع الواحدة منها ما بين 12-16 طن إلى البلد المستورد ( الدول المجاورة ) وفق أنواع المنتجات المنقولة وتحوي النقلة الواحدة أكثر من نوع من المنتج ( خضار وفواكه ) مما لا يسمح من الناحية الفنية إلى إخضاع المنتج المنقول إلى درجة الحرارة الملائمة لنقله وهذا يؤثر على جودة المنتج وسرعة تلفه مستقبلاً عند عرضه في الأسواق.
ونشير في النهاية أنه يتم نقل بعض الخضار والفواكه والأزهار بشكل محدود جداً بالطائرات بينما من النادر جداً حتى نقل هذه المواد عن طريق النقل البحري بسبب عدم وجود البنية الأساسية لعملية تصدير الخضار والفواكه عن طريق النقل الجوي والبحري بالشكل المناسب.
ثورة أون لاين- باسل معلا