“ أشعر بوهن عام في جسدي ولا أملك القدرة كي أقف على قدمي أو حتى التكيف مع من حولي من أهلي ولاسيما في فترة الامتحان، فقد ظننت أن تعاطي حبة مخدر تشعرني بطاقة تمدني بقوة لإكمال دراستي والسهر طويلاً، لكني في اليوم التالي أكتئب وأقلق وأبحث عن حبة أخرى.. أخاف أن أصبح مدمناً”!
هي المحادثة التي دارت بين فادي وصديقه تيم البالغين من العمر أحد عشر عاماً، لم يكن اضطرابه السلوكي والنفسي قيد الكتمان بل تشجع للإفصاح عنه لجمعية تنظيم الأسرة، فللوهلة الأولى نراهم أطفالاً ومراهقين لا يعيرون للمخدرات أهمية، لكن حين نخاف أن يصبحوا الفريسة والمبتغى لمتاجريها لاسيما في طلاب المدارس أو أطفال الشوارع عندها لا يجب الاستخفاف بهم، فهم يشكلون نسبة لا يستهان بها في المصحات التي تعالج هذه الحالات.
وأشار المحامي فاضل النبواني في محاضرته بمركز أشرفية صحنايا مؤخراً أن عدد القضايا المضبوطة ما بين تاجر ومروج ومتعاطٍ تزداد في استثمار الفوضى، لافتاً لأهمية العمل والتوعية مع جمعية تنظيم الأسرة للطلاب الذين يتوجهون لمتابعة الدورات التعليمية المكثفة التي يقيمها المركز مجاناً، وتقديما للحلول التي يسمعونها من الطلاب في تفشي مادة المخدرات التي يزعمون بأنها تنشط الدماغ ما قبل الامتحان ويروج لها أصحابها في النراجيل والعقاقير والحبوب.
لم يكن العنوان “المخدرات وأضرارها وطرق مكافحتها” مجرد محاضرة تلقى من قبل المختصين بل رسائل ذكية بثوها لإعطاء الطلاب فرصة للتحدث عما يدركون عن المخدرات، وتفاعلهم العفوي وتبادل الأسئلة والأجوبة التي طرحتها الناشطة الاجتماعية والنفسية “ريم ياسين” في فريق “جوال” جعلهم يلمون بالعوارض التي قد تصيب المتعاطي إن تناول مادة مخدرة من دون علم مسبق منه.
موضحة أن دورهم في جمعية تنظيم الأسرة هو تقديم جلسات توعوية واجتماعية ونفسية وصحية، والقيام بجولات على مراكز الإيواء والمراكز الثقافية والجمعيات الخيرية بالتنسيق معها كي يطالوا أكبر شريحة من المجتمع، مبينة أنهم بعد دراسة الحالات الفردية للمتعاطين، تبين الحالات النفسية المتأزمة والتي تستوجب شخصاً متخصصاً بالطب النفسي، وإن ثبت التعاطي يخضع المتعاطي للتحاليل المخبرية لأخذ العلاج المناسب لحالته الصحية والتي تستغرق من أسبوع إلى أسبوعين وهذه المدة كافية لعلاج أعراض السحب الناجمة عن تعاطي المخدرات وتخلص الجسم من المخدرات وخلالها يطبق العلاج الفيزيائي لتخفيف الآلام الناجمة عن السحب وجلسات علاج نفسي جماعي لتبادل الخبرات مع الآخرين وتعليم المهارات الاجتماعية والتغلب على المواقف الخطرة وأساليب التعامل مع الغضب والإحباط الناتج عن إدمان المواد والعقاقير المخدرة.أكد المحامي فاضل النبواني على أهمية متابعة المريض للعلاج الطبي والنفسي والاجتماعي، فبرأيه بعد أن يصبح جسده خالياً ونظيفاً من المادة المخدرة من المفروض إعادة تأهيله في مركز مختص لفترة من ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر بحيث يتابع المركز إعادة التأهيل، متأسفاُ النبواني على غياب مثل هذا المركز في سورية ، ومشيراً إلى أن المرصد الوطني لرعاية الشباب يقوم بجزء من هذا الدور لكن لا يكفي التواصل مع المريض وأسرته عن طريق العيادات الخارجية وتقديم العلاج الدوائي من خلال الصيدلية الموجودة بالمرصد والتي تقدم له كل ما يحتاج من أدوية.
“نحذر الأبناء من تعاطي أي حبة تقدم إلينا من أقرب المقربين أو رفاق السوء” إنها أهمية التوعية الأسرية ثم المدرسية التي نوه لها قاسم الوادي المرشد الصحي في جمعية تنظيم الأسرة موضحاً للحضور أنه لا يجب أن نشعر المدمن بأنه شخص مكروه ومنبوذ من أسرته ومجتمعه حتى لا يعود للإدمان ومساعدته للانخراط مع بيئته كإنسان طبيعي لا ينقصه ولا يعيبه شيء.
أخيراً …تبقى سورية بلد عبور وهي نظيفة من زراعة المخدرات وصناعتها وتكافح المخدرات في داخل الوطن، وهي من أول الدول التي وقعت على جميع الاتفاقات الدولية لمكافحة المخدرات والاتجار بها، وهنا كان لابد من التوعية لمضار هذه الآفة التي تفتك بالمجتمع والإضاءة على العقوبات التي أقرها القانون السوري والغرامة المالية المقررة في هذه الحالات من خلال حوار تثقيفي توعوي موجه للطلاب والشباب.
رنا بدري سلوم
التاريخ: الثلاثاء 14-5-2019
رقم العدد : 16977
