رافقت الأوبئة الإنسان منذ وجوده على الارض.. وأول وباء مسجل وصل الينا كان خلال حرب البيلوبونيز في اليونان القديمة عام 430 ق.م ، ومات بسببه ما يصل إلى ثلثي سكان اليونان في ذلك الوقت.
وكان الطاعون الذي تفشى في فلسطين وبعض بلاد الشام من العوامل التي أدت إلى هزيمة نابليون بونابرت عند حصاره لمدينة عكا في بداية القرن التاسع عشر. وفي العقدين الأولين من القرن العشرين، أهلك وباء الكوليرا “الهوا الأصفر” مئات الآلاف في البلاد العربية على دفعتين ضربتا بلاد الشام في عامي 1901 و1913م.
وفي القرن العشرين كان وباء “الإنفلونزا الإسبانية”، الذي تزامن انتشاره مع نهاية الحرب العالمية الأولى سنة 1918م ، وقد قضى هذا الوباء على أكثر من ثلاثين مليوناً من البشر خلال ستة أشهر فقط، في حين أن ضحايا الحرب على مدى أربع سنوات كانوا تسعة ملايين فقط!
ثم جاء وباء الإيدز ووباء جنون البقر ثم سارس… ومع كل هذه الأوبئة وعلى مدى أكثر من نصف قرن خلت انتصر الطب عليها، فأمراض مثل السل، الكوليرا، وغيرها لم تعد قاتلة، بل صار علاجها أمراً ممكناً.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه الآن على لسان البشرية جمعاء: لماذا تأخر الطب عن مواجهة فيروس كورونا ويقف مكتوف الأيدي، ضد عدو يغزو ساحات العالم بشراسة؟!.
فهذا الوباء الجديد أصاب مئات الآلاف، وقضى على الآلاف، وأغلق الكرة الارضية وترك آثاراً عميقة على الاقتصاد العالمي والسياسة والأمن والحكم..
لماذا تأخرت الأبحاث الطبية المتقدِّمة والاكتشافات المدهشة فـي علم الجينات؟ لماذا رغم كل هذا التقدُّم تجد الإنسانية نفسها، ومعها جيشها من العلماء والأطباء، عاجزين عن إيجاد العلاج له؟ وهل الأمن الصحي العالمي هش إلى هذه الدرجة؟.
حتى الآن لا يواجَه هذا الوباء إلا بالإجراءات الاحترازية من عزل وحجر صحي ومضاعفة وسائل النظافة الشخصية.
وفي ظل هذا الجمود الطبي او التراجع عن ايجاد الحل، برز دور الإعلام بكافة انواعه وهو يتصدى لهذا الوباء ليس طبيا، ولكن توعويا من خلال سرعة ايصاله للإجراءات الاحترازية التي تصدرها حكومات العالم، ووسائل الحجر الطبي، ومكان انتشار هذا الفيروس وضحاياه.. ومن خلال البرامج الطبية التي انتشرت على كافة وسائل الإعلام والتي تسلط الضوء على هذا الفيروس وخطورته.
هذا التعاطي الإعلامي الرائع والواقعي والبعيد عن الإشاعة والخرافة، ساهم بالحد من انتشار هذا الوباء بين الناس الى أن يجد الطب الدواء له.
ياسر حمزة