الثورة اون لاين – هنادة الحصري:
لا شك بأن هناك اّراء كثيرة تغبط أطفال اليوم على ما قدمته إليهم التكنولوجيا الحديثة من أقنية الكترونية و أطباق لاقطة … الخ .. و كلنا لا ينسى هوس أطفالنا بديزني لاند بألعابها أفلام الكرتون المحملة بأفكارها التي يرمز بها الى شخصيات و التي تتصدر المراكز التجارية و التي وصل الهوس الطفولي بها الى درجة لا تصدق.
هذا وقد تنبأ علماء النفس في عام (1990) بأن القرن العشرين سيشهد ثورة يتشكل خلالها مفهوم جديد و سعيد للطفولة ، لكن زملاء لهم ، و بعد مائة سنة على تلك النبوءة يرون اليوم أن الموجة وصلت الى ما لم يكن في الحسبان و أن كل ما زاد عن حده انقلب الى ضده .
و تشير الدراسات حول التلفزيون و الألعاب و الانترنت بأن الطفولة تخطف بالفعل و في سن مبكرة فالأطفال يتعرضون لجلد نفسي و غسل دماغ تحرمهم من أحلامهم الخاصة لصالح أحلام هذه الشركات .
أما الأكثر ضررا فهو الاعلانات التي يتلقفها الطفل فمثلا في أمريكا يبلغ عدد الاعلانات التي يشاهدها الطفل الأمريكي الى ثلاثين الفا في حين أن السويد منعت بث الاعلانات في فترة البث المخصصة للأطفال لأن الأطفال لا يميزون قبل سن الثانية عشرة بين الاعلان أو بين الحقيقة و الخيال فالمشكلة أن ثلاثة أرباع ما يشاهده الصغار موجه للكبار و رادارات الأطفال تلتقط ما لها وما لغيرها فأكثرها محمل بمشاهد الغدر و القتل و المطاردات بين الأخيار و الأشرار و كلها تحوي رسالة ” يجب أن تحطم الاّخر كي تربح و هذا يتناقض مع علم النفس التربوي الحريص على عدم تشكل عقد لدى الأطفال ناهيك عن اهتمام الأهل أنفسهم بالتلفاز و ببرامجه و تعلقهم بالمسلسلات و الافلام و برامج الألعاب و الدعايات و نلاحظ سلوك الأهل عند قرارهم معاقبة أطفالهم اذا لم تدرس سنحرمك من مشاهدة فيلمك المفضل غير اّخذين بالاعتبار التقاليد السائدة و العيب و الحرام فالطفولة بألمعيتها الفطرية و تشكلاتها الذهنية و اللغوية بل ببنيتها العاطفية شرقية كانت أم عربية هي المتضرر الأول .
و هذا ليس غريبا على النظريات التي سادت في القرن الثامن عشر حين قال جان جاك روسو ” أن الانسان يولد خيرا ثم تشوه الحياة طيبته الأولى ، كذلك بزوغ دراسات نفسية و اجتماعية أمثال دراسة سيغموند فرويد في كتابه تفسير الأحلام حول التغيرات التي طرأت على معنى الطفولة تاريخيا .
فهل نجح الاعلام في مخاطبة الأعمار و الأذهان على اختلاف مستوياتها ، تخاطب واحد مفهوم للجميع ايذانا بانحلال معالم الطفولة الحديثة أم اننا نحن العرب أمة بلا طفولة و تنقصها الدهشة و الابداع أليست طفولة أبنائنا في طور شيخوختها