بلا مقدمات نسأل: أين هم دُعاة الديمقراطية والحرية والتعبير عن الرأي؟ أين هم الذين كانت إدارة الحرب على سورية تفتح لهم الحدود والقنوات الفضائية والفنادق لاستخدامهم أدوات ومرتزقة لتنفيذ أوامر الدول المعادية لسورية.. ولماذا يقتصر اليوم دورهم المرتهن والمأجور على الهروب من الامتحان أو المحاولات اليائسة للتشويش؟.
أين هؤلاء وأسيادهم الذين لم يكتفوا بالحرب العدوانية على سورية وشنّ الحملات عليها فحسب، بل امتدت محاولاتهم الفاشلة إلى احتلال العقول وغزوها، من خلال الحروب الفكرية والدينية والإعلامية والتي ظاهرها الديمقراطية والحرية وباطنها الاحتلال وانتهاك سيادة الدول ونهب الثروات؟.
أرادوا أن يوهموا الناس بشعاراتهم المزيفة بأنهم يعانون من غياب الديمقراطية، بينما كانوا وما زالوا يهربون من كلّ الامتحانات الديمقراطية التي جرت طيلة سنوات الحرب بدءاً من الإدارة المحلية ومجلس الشعب واليوم الاستحقاق الرئاسي.
هل فعلاً يريدون الديمقراطية كما كانوا ينادون بها ..؟ وماذا يقولون بعد عشر سنوات من الحرب التي فضحت أهدافهم وكشفت خداعهم بأن هذه الحرب لم تكن من أجل الديمقراطية المزعومة، بل كانت من أجل النهب والتدمير وتهجير المواطنين من مناطقهم وبيوتهم وصولاً إلى إسقاط الدولة وتدمير مؤسساتها واستبدالها بالاحتلال والاستبداد والقمع.
ليس اليوم فقط وإنما منذ بداية الحرب كانت هناك مسافة كبيرة بين مطالب دُعاة الديمقراطية ونهجهم، وممارساتهم.
واليوم أيضاً عندما يتخلى فريق من اللبنانيين الذين لا يخفون عداءهم لسورية عن أي خجل، ويتطاولون ويعتدون بوقاحة على السوريين الشرفاء الوطنيين لمنعهم من المشاركة في الانتخابات، فهم يؤكدون علناً ركوب موجة الضغوط الأميركية والإسرائيلية كما فعلوا سابقاً عندما حاولوا إيهام الشارع اللبناني والعربي وأيضاً لجنة التحقيق الدولية بمواقفهم المسبقة وأدلتهم المزيفة التي سبق لهم أن ضللوا من خلالها العدالة الدولية وحرفوا التحقيقات عن مسارها ووجهوها نحو سورية.
لن ننحدر إلى المستوى الوضيع الذي وصلوا إليه، ولن نستشهد بكثير من جرائمهم وعمالتهم، فالعالم يعرف هذه العصابات السوقية الشوارعية التي لم تعد تخجل ولا تعرف الخجل، والتي تريد أن تقود لبنان إلى المجهول وإلى المشروع الأميركي ـ الصهيوني، وتحاول ضرب الأسس المتينة للعلاقات السورية اللبنانية التي عمدت بالدم وبالشهداء الذين سقطوا من أجل وحدة لبنان التي يفرطون بها اليوم، وضدّ قوى الاحتلال التي يستدعونها اليوم.
ومثلهم أيضاً ممن يهربون من امتحان الديمقراطية اليوم تلك الأصوات الانعزالية المرتهنة للخارج والتي لا تستطيع أن تخلع عباءة التبعية تحاول التشويش على الانتخابات ومنع المواطنين من ممارسة حقهم والتعبير عن خيارهم كما يريدون.
لقد آن لمثل هؤلاء الصمت على الأقل لأن كلّ ما فعلوه ويفعلونه الآن لا جدوى منه، ولن يؤثر على إرادة الشعب السوري بكلّ مكوناته، والخيار والقرار الذي يجتمع عليه السوريون هو الذي يؤكد تمسكهم بدولتهم وسيادتها، وهو الذي يعزز مقومات الصمود ويحافظ على السيادة والاستقلال الوطني ووحدة التراب السوري، ولعل العالم كله بما في ذلك العدو قبل الصديق يراقب اليوم ويشاهد كيف يعبر السوريون عن خيارهم وقرارهم، ويمارسون ديمقراطيتهم، في حين تتكرر هزيمة دُعاة الديمقراطية في الامتحان كما هُزموا في الميدان.
الكنز – يونس خلف