الثورة أون لاين- تحقيق: جهاد اصطيف – حسن العجيلي :
مع دخول فصل الشتاء ارتفعت أسعار المدافئ في مختلف الأسواق المنتشرة بحلب، حيث بات تأمين مستلزمات هذا الفصل البارد مهمة صعبة ترهق المواطن، فقد وصل سعر مدفأة المازوت أو الحطب أو الغاز ذات النوعية الجيدة لنحو مليون ليرة.
* جولة سريعة..
وفي ظل ارتفاع الأسعار الجنوني الذي تشهده الأسواق كما قلنا ، وفي جولة ميدانية على أحد أهم الأسواق بحلب متخصص ببيع هذه الأدوات، فقد نجد أن أسعار المدافئ الكهربائية تبدأ من (٥٠) ألف ليرة وتنتهي بعشرة أضعاف حسب نوعيتها.
ومن الواضح أن أسعار مدافئ الوقود تتراوح أيضا بين ١٣٠ ألفا وصولا إلى المليون ليرة وأكثر للحجم الكبير، في حين توجه بعض المواطنين للاستعاضة عن مدافئ الوقود بمدافئ الحطب نظراً لصعوبة تأمين مادة المازوت، حيث يتراوح سعر كيلو الحطب بين ٧٠٠ و١٠٠٠ ليرة سورية حسب نوعيته.
*السبب فقدان المادة..
ومع فقدان المحروقات وعدم توفر الغاز والانقطاع الطويل للكهرباء، يبقى الخيار متاحا أمام المواطنين للتدفئة في فصل الشتاء على الحطب الذي بدأت ترتفع أسعاره بشكل جنوني هو الآخر مع بداية فصل الشتاء نظرا لفقدان مواد التدفئة الأخرى.
ومع رفع سعر المحروقات قبل مدة وولادة تسعيرة جديدة لمادة المازوت ” الصناعي والتجاري” قبل فترة وتسعيرة للغاز المنزلي والصناعي أيضا، إلا أن المواطن لا يزال يشتكي من تأخر رسائل الحصول على المشتقات النفطية والمواد الأساسية عبر ” البطاقة الذكية ” باستمرار والذي يطول أحيانا لأكثر من شهرين ونصف الشهر ، خاصة لمادة الغاز المنزلي عدا عن رسائل المازوت التي لا تكفي هي الأخرى أي أسرة إن بقيت بهذه الكمية المقدرة بخمسين ليترا فقط، علما أن آخر تصريح للمعنيين بسادكوب حلب قبل أيام أفاد أن نسبة التوزيع المنزلي بلغت نحو ١٧% فقط.
*سوق ولكن ..
نحن نعلم أن سعر ليتر المازوت في السوق السوداء تجاوز الـ ٣٥٠٠ ليرة سورية، في حين بلغ سعر أسطوانة الغاز المنزلي في بعض الأحيان أكثر من مئة ألف ليرة سورية، ومن المفترض أن نعلم أيضا أن التسعيرة الجديدة للمادتين – سواء المازوت الصناعي أو الغاز- على حد سواء شأنها أن تعيد التوازن لهما في السوق ، بمعنى أدق أن تتوفر كلا المادتين بالأسواق بما تلبي حاجياته وفق السعر المعلن لكي نقول بعدها أن الخطوات الأخيرة المتخذة أتت أكلها وانعكست إيجابا على المواطنين، وبنفس الوقت كي لا يبقى المواطن يطرح التساؤل الذي يراود الجميع ، هل فعلا ستتوفر هاتان المادتان بالأسواق المحلية ..؟.
*توزيع المازوت..
لا شك أن قلة توزيع مازوت التدفئة على المواطنين، يضطرهم في ظل انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة إلى اللجوء للتدفئة على الحطب ووسائل أخرى خطرة صحيا “بقايا أقمشة ، كرتون وورق، قصاصات” وسواها من أجل الهروب من برد الشتاء وتقليل المصاريف، في ظل ارتفاع أسعار المازوت في السوق السوداء نتيجة قلته.
*آراء المواطنين..
يقول العامل أحمد إنه لم يوفق بعد بورود رسالة على جهازه بتوزيع مازوت التدفئة بالسعر المدعوم حتى الآن، رغم أنه من أوائل من سجلوا على الطلب عبر” الذكية”، في حين أن هناك من سجل بعد أيام وقد وصلته الرسالة الميمونة بالخمسين ليترا، وهنا بدت الحيرة على محيا أحمد ، ويقول بحسرة ترى ماذا سأفعل بهذه الكمية القليلة ، هل أتركها للحمام ، وإن كان الأمر كذلك على ماذا سنعتمد في التدفئة طيلة فصل الشتاء !.
ويشير زميله نهاد إلى أن رفع سعر المازوت مؤخرا لم يؤد إلى توفره، ما أدى إلى انتشار طرق عديدة للتدفئة منها التدفئة على الحطب، كحل متاح، في ظل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طوال مقابل وصلها لساعتين حاليا ، وقد لا نراها عند اشتداد البرد للأسباب التي بتنا نعتاد عليها والنغمة التي سنعود نسمعها في كل لحظة من قبل المعنيين بالكهرباء أن الانقطاع سببه الحمولة الزائدة وسواها.
فيما يقول” زيد ” للأسف لم يسلم أيضا الحطب من انتشار سوق سوداء لعدم القدرة على تلبية كامل احتياجات السوق بعد زيادة الطلب عليه، ويضيف أن سعره تضاعف كثيرا عن السنوات الماضية، وأمام الظروف المعيشية الصعبة التي نمر بها، لا يمكن لنا أن نؤمن المدفأة والحطب بهذه السهولة، مقابل راتبنا الذي لا يكفينا سوى أيام معدودة.
• ثمن الوقود أعلى من الدخل ..
وفي هذا السياق، قال لي صديقي وهو من أصحاب الخبرة في هذا المجال : تأتي تكاليف المعيشة بالشتاء مضاعفة على المواطنين ، لتزيد من معاناتهم، ففاتورة المعيشة الشهرية خلال فصل الشتاء، بواقع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية والغذاء والألبسة، تزيد عن الضعف وهي ليست بالقليلة، ويشير إلى أن الحد الأدنى من احتياجات الأسرة هو ٣٠٠ ليتر مازوت أو ٣ أطنان من الحطب، وثمن وقود التدفئة فقط هو أعلى من دخل الأسرة، لذا بدأنا نسمع عن طرائق تدفئة عبر ” حرق النايلون والفحم أو قشور الكرتون والقصاصات” ، لتخلف عواقب صحية خطرة تضاف إلى القوائم الأخرى.
*بيانات التكلفة ..
مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحلب المهندس “أحمد سنكري طرابيشي” بين أن أسعار المدافئ مرتبطة ببيانات التكلفة التي يقدمها المنتج أو المستورد لمديرية التجارة الداخلية.
وأشار إلى أن مدافئ الحطب تخضع أيضا لبيانات التكلفة، كالمدافئ الكهربائية والعاملة على المازوت، مضيفاً أنه لا توجد تسعيرة محددة من التجارة الداخلية لموضوع الحطب حيث تختلف أسعاره بحسب السوق.
وأوضح “طرابيشي” أنه يتم تشديد الرقابة بشكل أكبر على الأسواق التجارية والمحال بالتعاون مع المحافظة ومجلس المدينة ولجان الأحياء وعبر دورياتنا ، حيث بلغت عدد الضبوط المنظمة الشهر الماضي على سبيل المثال ( ٤٨٦ ) ضبطاً بمخالفات متنوعة منها عدم إعلان عن الأسعار ، وعدم إبراز فواتير، وبضائع مجهولة المصدر، أو الامتناع عن البيع، فضلا عن الضبوط التي طالت أصحاب السرافيس والأمبيرات والأفران وغيرها، وكذلك تم سحب نحو ( ٥٣ ) عينة لتحليلها مخبريا، منوها إلى أنه لم تردنا أي شكوى فيما يخص بيع أي نوع من المدافئ حتى الآن.
• بين فكي كماشة ..!!
حقيقة وأمام كل ما تقدم بتنا نسمع المواطن وهو يدعو أن يمر العام على خير لأنه بات كما يقال بين ” فكي كماشة” فأين هو من غلاء المواد الغذائية بمختلف أنواعها وبين ارتفاع تكاليف التدفئة مع قلة وسائلها المتنوعة، أما كيف سنمضي الشتاء هذا العام ، فالأيام القادمة هي الوحيدة والكفيلة بالإجابة عليها؟.
تصوير : خالد صابوني