الثورة – غصون سليمان:
اختتم العام الفائت نشاطاته المحلية بعنوان جمالي، اجتماعي، اقتصادي، له من الأهمية بمكان.. عبر احتفال مركزي شاركت فيه معظم الفعاليات المجتمعية والمؤسسات الرسمية، وذلك احتفاء بالشجرة رئة الحياة كما وصفت، هذه النعمة التي لا تقدر بثمن تمنحنا عنصر البقاء والطمأنينة.
ولعلٌ الاحتفال بهذه الرئة بات ثقافة مجتمع تتكرس باستمرار عند أطفالنا وطلائعنا وشبابنا ومؤسساتنا الأهلية والرسمية.
لقد تعرضت الغابات السورية وحراجها الطبيعية في مختلف المناطق إلى حالات عبث وفوضى من قطع جائر وحرق مفتعل عشنا كوارثها وما زلنا لغاية اللحظة.
ولطالما تتمتع سورية بمناخها المعتدل وفصولها الأربعة فإنه من الواجب وأكثر أن نعيد لأديم التراب وجهه الأخضر. وبعيداً عما واجهته الطبيعة وتنوعها الحيوي من تخريب وتدمير ممنهج على مدى سنوات الحرب المجرمة خسرنا فيها الكثير من الفوائد المعنوية والمادية لا يمكن تعويضها بسهولة إلا بالاهتمام والرعاية على امتداد العام فهي كالإنسان ٌ لكل مرحلة خصوصيتها.
فمن المعروف أن للشجر فوائد نفسية وبيئة واقتصادية، فمن خلالها يحصل الإنسان على الأخشاب المتعددة الاستعمال في الصناعة وغيرها. وهناك
بعض الأشجار تكون مصدراً للعديد من الأدوية المختلفة. كما أنها تعطي الهدوء والراحة والاطمئنان للنفس البشرية من خلال النظر إليها والتمتع بمزاياها الكثيرة.
وبحسب الدراسات فقد تم إجراء بعض التجارب على المرضى فوجد أن المرضى التي تطل نوافذهم على الأشجار يتعافون بشكل أسرع.
فعلى سبيل المثال؛ تُقلل الأشجار من أعداد المصابين بالربو، والذين يُصابون بذلك نتيجة نقص الأكسجين وارتفاع معدلات ثاني أكسيد الكربون في الجو، إذ تنطلق هذه الغازات من انبعاثات المركبات والعمليات الصناعية، أما الأشجار فتسحب هذه الغازات وتحولها إلى أوكسجين، وبالتالي تحد من التلوث البيئي. كما وتُساعد الأشجار أيضًا على النوم العميق وتُحسّن من جودته عند الشخص المتعب، نظرًا لأنها تزيد من نسبة الرطوبة في الجو، وتحجب ضوء الشمس، ما يجعلها خياراً مريحاً للأشخاص الذين يعانون من النوم غير الكافي.
كذلك للأشجار فوائد في التغذية مثل النباتات التي يمكن أن تكون غذاء للإنسان والحيوان، حيث يمكن أن يحصل الإنسان منها على العديد من أنواع الفواكه والخضروات والتي تكون مصدراً هاماً للفيتامينات والمعادن التي يحتاج إليها الجسم، وأيضًا يمكن أن يتغذى عليها الحيوان إلى جانب دورها في حجب الأشعة فوق البنفسجية من الأمراض التي يمكن أن تصيب الإنسان نتيجة التعرض للأشعة فوق البنفسجية ومرض السرطان فيمكن الحد من تلك الأشعة حسب تأكيد الدراسات العلمية.
وهذا يكون من خلال زراعة الأشجار التي تمنع الأشعة فوق البنفسجية بنسبة 50 في المئة، ما يجعلها تعمل كحماية بنسبة 90 في المئة من أشعة الشمس من خلال وقوف الشخص تحتها.
وبالنسبة للحياة البرية فتعطي الأشجار سهولة في التعايش سيما وأن اللون الأخضر يهدئ الأعصاب ويساعد في تقليل الإجهاد للإنسان والكائنات الأخرى. إضافة إلى تخفيض سرعة الرياح إذ تساعد الأشجار دائمة الخضرة في تقليل سرعة الرياح وتمنع الضوء وتساعد في تخفيف الإزعاج بنسبة ٤٠% من خلال أوراق الشجر التي تساعد على امتصاص الصوت ومنعه من الانتشار. ما يساعد في تقليل ضوضاء الطرق السريعة.
إن الحديث عن البيئة الطبيعية بأشجارها وغاباتها وتنوعها النباتي والحيواني ودوره وتأثيره في توازن واستقرار النظام العام لجميع الكائنات لا يعد ولا يحصى.
وما يهمنا كشعب ومجتمع متنوع المناخ أن نزيد اهتمامنا بزراعة الأشجار ريفاً ومدينة وتعليم صغارنا قبل كبارنا أهمية زراعة الغراس والعناية بها.