الثورة – سلوى إسماعيل الديب:
” يحوم فوق عالم الإنترنت أربعة نسور خاطفة تحاول سبيه وسلبه إلى عشها في حرب ضروس، والقوى العالمية هذه ليست عسكرية ولا سياسية ، بل علمية ثقافية اقتصادية تكنولوجية، هؤلاء هم (غوغل ، وآبل ،وفيس بوك، وآمازون)، ولكل حقله، فقد مثّل “غوغل” المعرفة الكلية، و”الفيس بوك” الشفافية الكلية، و”آبل” الديناميكية الكلية، و”الآمازون” العرض والسوق،الكلية….” كان هذا محور محاضرة للأستاذ الباحث محمود نقشو بعنوان “بين وادي عبقر ووادي السيليكون” وهي باكورة الموسم الثقافي الأول لعام 2022 في فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب ، ومما ورد فيها:
يتقاسم إذن العالم الرقميّ هذا الأربعة أولئك “غوغل” المدعي المعرفة الكلية، و”آبل”صاحب المعرفة المتنقلة الحركة الكلية، أما المورّد لكل شيء أمازون ، فلم تعد مبيعاته الكتب، بل كل شيء ويكسر احتكار الطفيليين بين البائع والمشتري..
وأشار نقشو إلى وصول المعرفة الكلية لمتناول كل إنسان وفي أي حقل معرفيّ ، وفي السؤال عن أيّ شيء لم يعد من حاجة لدخول مكتبة والبحث فيها لأيام وليال، بكبسة زرّ تتداعى المعلومات من دماغ عملاق يلفُّ الأرض والجغرافيا والتاريخ وباقي فنون المعرفة ، التي تعبت في تحصيلها جهود الجنس البشري خلال ستة آلاف عام..
جميل جمع المعرفة الإنسانية على هذا النحو الكليّ ، واستدعائها بالسرعة القصوى الخارقة ومن جهتها وصلت مبيعات آبل التي اقتحمت كل ّ بيت إلى حوالي 200 مليون جهاز في العالم ، وقد بدأت متأخرة عن أمازون والتي كانت السباقة بين العمالقة الأربعة ، فقد بدأت عام 1995 ببيع الكتب فقط ، تلتها غوغل عام 1998 ولتلحق بها آبل عام 2000 بالموسيقى عبر جهاز “آي باد” ثم وفي عام 2003 تثني ” بلآي توينس” ….
ثم أتى نظام “الواتس آب”و”الإيمو” لنتحدث مع كلّ العالم مجاناً…
وقد كسر الموبايل جمود الحركة ، توجد اليوم مليارات الموبايلات على امتداد الأرض، وبعشرات الأشكال، وتريد كلّ من المؤسسات الأربع ربط هذه الأجهزة بنظامها فقط.
والعالم لا يرى سوى قصص النجاح تدور حول مليارديرات الزمن الجديد ، ويغمض عينيه عن قصص الفشل والمعاناة التي تملأ أرجاء ذلك الوادي .
لقد غيرت أرض العباقرة وجنة التكنولوجيا، أرض الفرص المتاحة، وموطن الموهوبين والمبدعين في العالم، وغيرت شركات اقتصاد المعلومات (المعرفة ) وجه التاريخ.
وأصاف نقشو: كان أخذ اسمه من مهاراته، وعبره قرر العباقرة هؤلاء إحداث تحول في طريقة اتخاذ القرار، واختيار الناس لأصدقائهم، وتوجيه دفة المحتجين الذاهبين إلى إثارة الضجيج في أنحاء العالم، فصارت الرأسمالية الأمريكية تمتلك محوراً جديداً في العالم غير من سياستها وطريقتها في تداول الأحداث، والتخطيط لها .
ينضم واحد من خمسة خريجين في إدارة الأعمال إلى مجال التكنولوجيا، فالإبداع الهائل في هذا الوادي لا يشبه أي إبداع منذ ظهور المخترعين العباقرة في القرن التاسع عشر، وسباق ( السيليكون) مستمر، يعتقد مديروه بالتدمير الخلاق المؤدي إلى التقدم.
إنه الجنون بحد ذاته ، فالعفاريت التي كانت تسكن وادي عبقر تركته، وأوحت إلى خريجي هذا الوادي بضرورة امتلاك العالم وقيادته، بدل البقاء تحت رحمة الحكومات وخططها في التنمية المتعثرة، واختارت وادياً للجن والعفاريت في كاليفورنيا وفي مدينة سان فرانسيسكو ليكون وادي السيليكون حقيقة العالم الجديد، لكن بين وادي عبقر و وادي السيليكون هذا وادٍ يسكنه آخرون، هو وادي الذئاب.
التالي