الملحق الثقافي: فاتن أحمد دعبول:
ربما لا يجد عشاق الكتاب ضالتهم في المكتبات الكبيرة، فيسعى إلى ما تعرضه تلك الأمكان المتفرقة تحت جسر الرئيس أو على قارعة الطريق، أو على سور بعض الحدائق، لأنها تضم الكثير من الكتب النادرة التي تخلى عنها أصحابها لسبب أو لآخر، وتباع بأسعار مقبولة تناسب شرائح المجتمع كافة.
ولطالما رسمت لهذه الأماكن أو المكتبات المفتوحة، إذا صح التعبير، مشاريع في أن تتحول إلى أسواق مرتبة تليق بالكتاب وبالمؤلف الذي بذل عصارة فكره وسنين طويلة من عمره لتأليفه، ولكن بقيت هذه محض أضغاث أحلام لم تر النور، ولم تكن تجربة بعض الدول كمصر والجزائر وتونس وغيرها حافزاً وإنموذجاً يحرض الجهات المعنية لإنشاء هكذا أسواق تكون قبلة لعشاق القراءة والباحثين والمهتمين.
ونقف اليوم مع هيثم الحافظ رئيس اتحاد الناشرين للإضاءة على هذا المشروع علنا نجد ذلك البريق الذي يشي بإمكانية العمل على هذا الأمر، وتوفير الكتاب الشعبي لشرائح المجتمع كافة.
مهمتنا .. دعم الكتاب
هل يفكر اتحاد الناشرين بالتعاون مع دور نشر خاصة، أو هيئات نشر حكومية بالعمل على إحياء وإطلاق مشروع الكتاب الشعبي؟.
لم يكن الكتاب الشعبي في سورية غائباً في يوم من الأيام، وربما هو متواجد ولكن بمسميات مختلفة، وكانت الهيئة العامة السورية للكتاب تطبعه عن طريق وزارة الثقافة بمسميات عديدة، وسلاسل مختلفة، والهدف منها تعميم ثقافة القراءة في المجتمع السوري.
هذا إلى جانب أن الكتاب الشعبي كان يصدر من بعض الجهات» الصحف، المجلات السوري» وكثير من الجهات الإعلامية أو الثقافية التي كانت تعنى بهذا الكتاب الذي نسميه» شعبي» ولكنه يحمل أكثر من جانب، مثلا كانت جريدة الثورة تصدر كتاباً كل أسبوع، إذا هذا النمط من النشر موجود بشكل كبير في سورية.
ونحن كاتحاد ناشرين نسعى أن يكون هذا الكتاب متواجداً في الأسواق مدعوماً إنتاجياً من وزارة الثقافة أو وزارة الإعلام ووزارة التربية من بعض دور النشر السورية، ومدعوماً أيضاً على الصعيد الاقتصادي، ويجب أن تكون هذه الكتب بمسمياتها المختلفة» كتاب تعليمي، كتاب منهجي، كتاب شعبي»، أن تتوفر في الأسواق السورية.
ومهمتنا في اتحاد الناشرين دعم القراءة، وتوجيه المجتمع السوري نحو أن تكون القراءة أولوية في حياته، وهذا يتطلب منا دعم المبادرات المجتمعية التي تعنى بثقافة الكتاب، وتعنى بتوجيه الكتاب وتأمينه بشكل مدروس لجهة السعر والمحتوى الفكري والثقافي، وأن يكون مقبولاً ويواكب اهتمامات المجتمع، وأن يكون هذا الكتاب في متناول الجميع، ويكون له أهمية كبرى في تأمين ثقافة مجتمعية إيجابية» ثقافة المحبة، الاطلاع، التسامح».
وأن يكون هذا الكتاب الذي نطلق عليه» كتاب شعبي» ذا قيمة عالية، وأتمنى أن يكون هذا الكتاب بأكثر من جانب، وبأكثر من مكان، بحيث نؤسس لقراءة جيدة، وأن تكون القراءة هي الرافد الأساسي الأول في حياتنا.
استراتيجية مستقبلية
في مصر يوجد هذا الكتاب، ولكن لا تصل منشوراته إلينا، هل يفكر اتحاد الناشرين بالعمل على إعادة تبادل الكتب عن غير طريق المعارض؟
بالنسبة لموضوع الكتاب الشعبي، الهدف منه أن يصل إلى المجتمع جميعه، وأن يكون المواطن قادراً على اقتنائه، ولدينا نحن» الهيئة العامة السورية للكتاب» تصدر كتباً مدروسة ومقبولة سعرياً، وكذلك اتحاد الكتاب العرب، يصدر كتباً بسعر يناسب شرائح المجتمع كافة، ولدينا أيضاً بعض الوزارات والجهات المعنية التي تصدر كتباً بسعر مقبول ومدروس، ويصل إلى شرائح المجتمع السوري، وأيضاً وزارة الأوقاف والإعلام والزراعة، هؤلاء جميعهم يمكن وضعهم في خانة الكتاب الشعبي.
ونحن في اتحاد الناشرين نتمنى أن يكون لدينا الأعداد الكبيرة من الكتاب الشعبي والكتاب المدروس للناس، ولنطلق عليه» الكتاب الجماهيري» وربما نحن في اتحاد الناشرين العرب واتحاد الناشرين السوريين نؤسس لهذا الكتاب، بحيث يصل إلى الجميع، وتنتجه العديد من دور النشر، ويصل إلى القراء جميعاً.
الكتاب الجماهيري كما أحب أن نطلق عليه، وبالنسبة للتعاون بين الدول العربية مثل مصر، ومع العديد من الدول العربية، من حيث التعاون الاستراتيجي المهني المرتبط بأكثر من جانب، له علاقة بتطوير الكتاب السوري والمصري، ولكن لم يحدث أن دخلنا في تعاون لدخول الكتاب الشعبي أو الجماهيري الذي تطبعه الهيئة العامة المصرية للكتاب إلى سورية، ربما تكون هذه فكرة للأيام القادمة في أن يزداد التعاون، ونتمنى أن يدخل الكتاب المصري، الإماراتي، الجزائري، العماني واللبناني .. إلى الأسواق السورية، بما يتناسب مع الأسواق السورية، ويعمم الكتاب السوري في تلك الدول.
اليوم يمكن اعتبار هذا الأمر استراتيجية مستقبلية نعمل عليها، لكن الظروف الحالية» الاقتصادية، الاتصالات، النقل، وبعض الإجراءات» تحول دون تحقيق هذا الأمر، لكن إن شاء الله ستكون الظروف في الأيام القادمة أفضل، ويثمر التعاون بالجانب الخدمي، ليس للناشر فقط، بل للقارىء أيضاً.
وأتصور أن الأفضل لواقع السوق السوري، أن تتضافر جهود وزارة الثقافة والإعلام والتربية واتحاد الكتاب العرب واتحاد الناشرين، لإيصال كتاب جماهيري مدروس إلى القارىء السوري، يمكن أن يكون أسرع وأقرب لقبول القارىء السوري، وهذه الاستراتيجية التي نعمل عليها في القريب العاجل.
توقيت غير مناسب
هذا شهر الكتاب، ولكن لا نلمس استعداداً ما يجرى له، هل من سبب؟
بالنسبة ليوم الكتاب السوري، هو بالأساس كان يطلب من قبل اتحاد الناشرين السوريين، لتأسيس يوم للكتاب السوري وتنشيطه والاحتفاء بإنجازاته وإنتاجاته.
اليوم يمر علينا يوم الكتاب السوري ونحن في شهر رمضان المبارك، لذلك لم نتمكن من إقامة معارض قوية، ماعدا ما تقيمه الهيئة العامة السورية للكتاب السوري، ولم نستطع القيام بمعارض متخصصة أو كبيرة مثل كل عام، والواقع الاقتصادي أيضاً له دوره، ولكن الأهم أن هناك نشاطات كبيرة يقيمها اتحاد الناشرين السوريين، نشاطات ثقافية لها علاقة بواقع الكتاب السوري في ظل الأزمات، وذلك في دمشق وريفها، لتأسيس وتطوير الكتاب السوري، وتأسيس الفرح في الكتاب السوري.
ولاشك أن يوم الكتاب السوري، هو يوم يهم كل مواطن سوري، وكل مهتم بالقراءة، ونحن في اتحاد الناشرين السوريين نحاول هذا العام أن نفرح معاً بوجود الكتاب السوري من خلال بعض النشاطات الثقافية والعلمية، وبعض الشروحات على الواقع المهني والثقافي.
بشرى سارة
وأزف بشرى سارة للمهتم والقارىء أن واقع الكتاب جيد وبخير، بالرغم من الأزمة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها بلدنا والمنطقة بشكل عام، لكن واقع الكتاب جيد مقارنة بالدول العربية الأخرى، وهو واقع مشجع يدعو إلى التفاؤل والحماسة، لنكون أمام كتاب جيد ومقبول من القراء العرب.
التاريخ: الثلاثاء19-4-2022
رقم العدد :1092