الملحق الثقافي:
لم ينل كتاب عربي شهرة كتاب الاستشراق لادوارد سعيد لانه ببساطة عرى وفكك نظرة الغرب المتعالية نحو الشرق وهشم غرورهم علمياً.. لذا كان محط نقاش ومازال وتعرض للكثير من المضايقات بسببه .
في ذكرى رحيله نقتطف من منتدى الجامعة العربية هذا الإيجاز المهم للكتاب ..
وهو يأتي بالوقت المناسب ولا سيما عودة الحديث عن الصراع بين الشرق والغرب فكرياً وثقافياً.
الكتاب يضم رأي إدوارد سعيد في الاستشراق وهو يحتوي على ثلاثة فصول ،مقسمة كآلاتي :الفصل الأول :(مجال الاستشراق) ،الفصل الثاني:(البني الاستشراقية واعادة خلق البني ) ،الفصل الثالث:(الاستشراق الآن).والكتاب به رأي إدوارد سعيد في الاستشراق الإمبريالي.
مقدّمة المؤلف:
يتحدث فيها عن الصورة الذهنية في عقل الشرق عن الغرب وللتأكيد على ذلك عرض المؤلف ما قاله كاتب فرنسي كتب عن بيروت بعد زيارة له أثناء الحرب الأهلية عام 1975م ،حيث رأي هذا الكاتب أنها ذات يوم كانت كأنها تنتمي إلى شرق بريا فالشرق في نظر أوروبا مرتبط دائماً بالكائنات الغريبة والتجارب الاستثنائية وهو مكان للرمسنة ،أما في نظر الأميركيين فالصورة مرتبطة اكثر بالصين واليابان فالشرق بالنسبة للأوروبيين كان أعظم مستعمراتهم ،ولكنه في أوروبا أيضاً هو شرق تخيلياً إلى حد كبير وهو يعبّر عن جزء من حضارة أوروبا وتاريخها الماديين.
ويتحدث إدوارد سعيد عن معنى الاستشراق ويري أن هناك معنى مصطلحياً فالمستشرق هو كلّ من درس الشرق وهذا المصطلح شائع لأنه مرتبط بالموقف الاستعماري وهناك معنى آخر للاستشراق وهو أسلوب من الفكر قائم علي التمييز الوجودي والمعرفي بين الشرق والغرب.فهو اذاً أسلوب غربي للسيطرة على الشرق ،وهو مشتق إلي حد ما من علاقة تقارب بين فرنسا وبريطانيا من جهة ومن جهة أخرى الشرق هذا الاستشراق تم تكريس المعرفة فيه والثقافة والمؤسسات لخدمة الهيمنة والسيطرة الغربية على الشرق .
مجال الاستشراق
.التعرف على الشرق:
كيف تعرف الشرق على الغرب وبالتالي كيف كانت نظرتهم إليه؟
تناول إدوارد سعيد في هذا الجزء آراء أربع شخصيات من كبار المسؤولين في بريطانيا إبان الاحتلال البريطاني للشرق وأخرى أميركية إبان الحرب الباردة ،وكانت آرائهم كالآتي:
1. ارثر بلفور :- قدم بلفور إلى مجلس العموم البريطاني تقريراً حول المشكلات التي يجب معالجاتها في مصر وهو يري أن حكم الإنجليز لمصر واجب الانجليز تجاه مصر الانجليزانفسهم فيه خير لكلتا الأمتين ،فالمصرييون لا يمكنهم حكم أنفسهم .وهذه النظرة تمثل ذلك الاحتمال والسيطرة فالحكم الإنجليزي لمصر واجب الإنجليز وهم لا يريدون هذا الواجب ولكنهم يؤدونه لأنه في مصلحة للجميع .
2. اللورد كرومر:-الشرقيون عنده هم الذين عند بلفور تماما فقد كتب مقالة في عام (1908)قال فيها :إن معرفتهم بالشرقيين تجعل حكمهم سهلاً ،فالعقل الشرقي يفتقد الدقة وفهم الكليات على عكس العقل الغربي تماماً كما أن الشرقيين سذج وكسالى.فهذا التعميم لا يمكن أن يقبله عقل فكيف نظر كرومو إلى هذا الكم الهائل من العلوم الموروثة منذ العصر الفرعوني .
3. كسنجر: – أما كسنجر فقد بنى رأيه على فكرة بسيطة ألا وهي أن الشرقيين لم يتعرضوا للصدمة المبكرة للتفكير النيوتوني ،ولذلك فهم ليسوا كالغر ب أبداً فهم بدائيون إلي حد كبير .
4. هارولد جولدن:-ففي عام 1972 نشرت مجلة أميركية للتحليل النفسي مقالاً كتبه غولد حيث خلص إلى النتائج الآتية :أن الشرقيين لا يستطيعون الأداء إلا في مواقف الأزمات كما انهم يميلون إلى ثقافة العنف والانتقام لديهم فضيلة .إذا فهم بدائيون على عكس الشعوب ألا نجلو ساكسونية.
5.الجغرافيا التخيلية وتمثيلاتها(شرقنة الشرق):
بدأ الاستشراق عام 1312 بصدور قرار مجمع أثينا الكنسي بتأسيس عدد من كراسي الأستاذية في بعض الجامعات الأوروبية بعد ذلك قدم ريمون شواف وصف موسوعي وكذلك فيكتور هوجو عاو 1859 فقد تحول الاستشراق في هذه الأثناء إلى دراسة الشرق فقد رسم الاستشراق صورة للشرق هذه الصورة هي كما يرتضيها ذوق المستشرقين أنفسهم ويتناول إدوارد سعيد الصورة التي ظهر عليها الشرق منذ ذلك العصر حتى الآن فيخلص إلى نتيجة واحد انه مهما تقدم الزمن فان هناك صورة واحدة متخيلة في ذهن الغرب عن الشرق فمسرحية الفرس لاسخيلوس وكذلك مسرحية الباكتيون لديونيسس وكذلك نورمن دانيل إلي رولان إلي مكتبة دير بليون كلها تؤكد هذه الصورة المتخيلة ،وهذه الصورة لم تأت من فراغ بل جاءت حتى يتم إيهام العقل الغربي بسهولة السيطرة على الشرق.
مشاريع:
يري إدوارد سعيد أن هناك علاقة إشكالية بين الإسلام و الغرب وذلك لتحدي أتباعه الغرب فأحس الغرب بالتهديد بالخطر جراء ذلك التحدي ،وقد قسم إدوارد سعيد تلك المشاريع إلى ثلاثة أقسام:
1. ما قبل الحملة الفرنسية :وكانت تتسم هذه الفترة بان المستشرقين فيها كانوا أما قضاة أو محامين تم جلبهم للشرق للعمل فيه ولم يكونوا يعرفون أي شيء عن الشرق .
2. حملة نابليون :فقد تمّ جمع بعض الكتب عن الشرق قبل الحملة ولذلك فان القادمين في الحملة كانوا يعرفون بعض الأشياء عن الشرق ولهذا حاولوا السيطرة عليه من خلال تلك المعرفة.
3. ما بعد الحملة الفرنسية :فمشروع قناة السويس يعتبره إدوارد سعيد ليس مشروعاً لربط البحرين وحسب وإنما مشروع لربط الشرق والغرب.وتتميز هذه الفترة بوجود ك هائل من المعلومات عن الشرق التي قد تمّ جمعها من قبل.
4.أزمات:
وفي هذا الجزء من الكتاب يعرض إدوارد سعيد آراء بعض الكتاب الغربيين في الشرق ،فانه إذا تمّ تصديق كاتب ما كتب عن أي موضوع فانه سوف يتم تصديقه على المدى البعيد مهما كتب أو قال.
ومن هؤلاء الكتاب (شليغل) ويرى أن الشرقيين من مرتبة أدني كما أنهم كسالي ومتخلفون.
العدد 1115 – 11- 10-2022