تعجبك قدرتهم على التحمل والصبر رغم حقهم في العيش الكريم وبعض الرفاهية التي تؤمن لهم جزء من أحلامهم وأمنياتهم التي غادرت بعيداً وهي تسبح في واقع مر مليء بالصعوبات والمتاهات.
في موسم قطاف الزيتون على سبيل المثال لا الحصر يتجسد الشقاء الحقيقي في طريقة جني ثماره حيث التفاوت في طبيعة الأرض مابين سهلية وجبلية قاسية الملامح مايضطر المرء إلى قطع مسافات طويلة للوصول إليها ناهيك عن حمل أكياس الثمار وما يترتب على ذلك من تعب المفاصل والأكتاف سواء للصغار أو الكبار لعدم وجود طرقات زراعية نظامية تمكن وصول الآليات إليها، وكذلك عدم القدرة على دفع فواتير أجرة ساعات محددة وليس يوماً كاملاً.
ولعل الأمر اللافت هو حرص الغالبية على عدم ترك أي حبة زيتون على الأرض مهما كانت يابسة، فالوجع المعيشي الداخلي والتنافس في غلاء الأسعار لم يترك خياراً للعباد حتى السعي وراء الوهم على أنه حقيقة، في إحدى الصباحات كان بعض الصغار يساعدون أسرتهم في لمٌ حبات الزيتون من بين الصخور والأشواك والحفر التي لا تدري ماتخبىء في داخلها من حشرات ورغم ذلك لم يأبه هؤلاء لوخذ الشوك وادماء أيديهم إذا ماعلقت في إحدى الشقوق وما أكثرها لأسر تلك الحبات الهاربة من القماش الممدود على الأرض، فيما انحناءة ظهري الأم والأب تتحديان سطوة الأم والوجع للفوز بما تيسر من الرزق.
إنها السنوات العجاف التي فرضتها سنوات حرب عدوانية حاقدة شتت شمل السورين واستغلها تجار المواقف ولصوص اللحظة..وصار الهم البحث والسعي وراء لقمة العيش مهما تعثرت السبل وتلون الشقاء.