في زحمة التعب وقلّة الحيلة تغزو النفس عناوين متخمة من تداعيات حرب عدوانية وظروف قاهرة ورثت العوز والحاجة لمتطلبات وواجبات يومية باتت تطاردنا صباح مساء نظراً لضيق الحال، ماجعل السؤال الذي نجاهر به كلّ يوم في السر والعلن اذا لم يكن كلّ لحظة . ما الذي يجعل الإنسان والمواطن السوري بهذه القدرة والصلابة رغم كلّ هذا الفيض من الوجع؟ ويتابع جاهداً بأكثرمن مهنة وعمل خاص اذا ماتوفرت له الفرصة ليسد بعض الرمق ؟.
مالذي يجعل الإنسان السوري يصبر ويصابر في زحمة الغلاء لتأمين جزء من حاجياته الضرورية .. هذه الأسئلة المشروعة التي كنّا نتغلب عليها بالصبر والمصابرة والحيل المختلفة، هي اليوم كوخز الإبر لم تترك مساحة زمانية ومكانية إلا ونالت منها قسراً .
وإذا ما خضنا في بحر التساؤلات وضفاف الكلمات ، وبحثنا في قاموس الواقع نجد أن محنة ونكبة واقعة الزلزال وتداعياتها المؤلمة فيها الجواب الشافي والكافي إلى حدّ كبير عما يجبر الخواطر ويرمم الوجع ويزيل الضباب والغيوم المثقلة بهم الحياة من حيث تأمين الطعام والشراب واللباس والدراسة وتوفير مايستر لنهاية الشهر في ظل راتب يتقلص كلّ يوم مع ارتفاع الأسعار بسبب ودون سبب.هذا الواقع المر هو عسير الهضم بالتأكيد ولايمكن بلعه بآلاف الغصّات.
لكن يبقى السؤال الأهم والمنطقي أيضاً مالذي يدفع أبناء المجتمع السوري لتقديم كلّ هذه التضحيات غير الإحساس بالواجب والانتماء لوطن وهوية وجذور ، هذا الالتزام يعكس إلى حدّ كبير صفات إنساننا السوري وكم هو نبيل وعظيم الشأن، حين يضغط على الجرح بملح الصبر ويمارس دوره في جميع قطاعات العمل والإنتاج العامة والخاصة ، المعقّدة والسهلة، التي تتطلب الاستعداد والاستنفار الدائم للتواجد في الميدان عند كلّ ضرورة أوحدوث أي خلل طارئ في أي خطّ وشريان يمدّ السوريين بالطاقة والحياة .
هذا السوري يستحق أن يكون معززاً مكرماً في بلده وأن تكون الخطط والاستراتيجيات الحياتية والمستقبلية تصبّ في خدمته وتخفف كلّ هذا الضغط عن كاهله، ..لا أن يصبح أسير القرارات الصادمة المفاجئة على المستوى المعيشي ماتجعله حائراً على أي جانب يستقر.