ثورة اون لاين: واضح أن المنطقة تشهد مرحلة تاريخية مفصلية ستترك الأحداث التي تمر بها آثارا عميقة عليها ربما تمتد لعدة عقود قادمة، وكذلك العالم الذي يشهد حراكاً وتوتراً سياسياً أمنياً وأحداثاً كبرى لن تقل آثارها المستقبلية عما تشهده المنطقة،
ذلك أنه لا يمكن الفصل بين ما يجري هنا وهناك، بل قد تكون الأسباب في الحالتين واحدة، وهي كذلك في المبدأ وان اختلفت في التفاصيل.
أس التوتر السياسي والأمني الحاصل يعود الى عنجهية الولايات المتحدة الأميركية ومحاولتها الهيمنة على مقدرات الدول ذات السيادة بالبلطجة، أو بالحروب العدوانية، بالحصار أو بالاملاء والمصادرة، بالتهديد أو بممارسة أقصى أشكال الضغوط المتنوعة، لا فرق، يضاف الى ذلك كله التحالفات اللاأخلاقية التي تقيمها مع حكومات مصنعة حسب المواصفات الأميركية، فضلا عن التحالفات مع التنظيمات المتطرفة والارهابية التي تدعي زورا محاربتها.
وقد تكون المشكلة الكبرى اليوم هي في الأدوات الأميركية التي استسلمت كليا، والتي لم تعد تلتزم في أدائها أي منظومة قانونية أو أخلاقية تردعها عن القيام بكل أشكال الموبقات وبشكل غير مسبوق، وربما يكون موقف أردوغان ومرسي –مؤخراً– بدعم الارهاب وبالتحريض على القتل والاجرام في سورية أهم الأدلة على سقوط ورقة التوت عنهما وليس فقط سقوطهما في مستنقع الرذيلة والعهر الأمريكي.
مواقف الأدوات الأميركية مما يجري في المنطقة والعالم كقوى اسناد لواشنطن لم تقتصر على الصغار في تركيا وخليج الغدر، بل تمتد الى أوروبا العجوز من هولندا التي وافقت بالأمس على استقبال الأقباط، الى فرنسا وغيرها التي أبدت استعدادها لاستقبال مسيحيي المشرق، ما يؤكد أن ثمة مخططات شيطانية وضعت للمنطقة والعالم تعيد خلط الأوراق والمحددات السياسية الدولية، وتعيد رسم الخرائط على أسس دينية وعرقية.
لو عدنا بالزمن الى الخلف قليلا لكان من السهل اكتشاف المخطط الذي اقترن بالتصريحات الأميركية العلنية التي تحدثت عن ولادة شرق أوسط جديد، وعن اعلان مشروع الفوضى الخلاقة بالتزامن مع اعلان الدولة اليهودية في كيان الارهاب إسرائيل.
إن منشأ التوتر السياسي والأمني وكل ما يجري هو إسرائيلي بامتياز ولا يخدم سوى إسرائيل، والا فكيف لعاقل أن يتخيل أن تسعى السعودية وأخواتها في خليج الغدر، ومصر وتركيا وسواهما الى استبدال العدو والى وضع الشقيق مكانه، وما معنى أن تلتزم مصر (ما بعد مبارك) بكامب ديفيد بينما لا تكف عن الادعاء زورا أنها تمثل نبض الشعب المصري ؟.
ربما تكون دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب الى إعادة تقييم موقفه من الأزمة في سورية هي الصوت المتعقل الأخير الذي يمكن رفعه قبل أن تكون المواجهة هي الشيء الحتمي والاستحقاق الذي لا مهرب منه لاحقاق الحق ووأد مشاريع الفتنة والتقسيم والعدوان التي سيهزمها الشعب السوري، ومعه، والى جانبه العديد من الحلفاء الأقوياء المتسلحين بكل أسباب القوة، المبدأ والعقيدة الوطنية والثقافة والحضارة والقانون والشرعية، والسلاح ان أرادوا….
علي نصر الله